Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 95-96)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } لما كان قتل الصيد في حال الإحرام مشدداً في النهي عنه ، كرر في هذه الصورة أربع مرات أولها في قوله : { غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } [ المائدة : 1 ] ثانيها { لَيَبْلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلصَّيْدِ } [ المائدة : 94 ] الآية . ثالثها { لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } . رابعها { وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ ٱلْبَرِّ } . الآية . قوله : { لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ } أتى به وإن علم من قوله : { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ المائدة : 94 ] ليرتب عليه قوله : { وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً } الآية . قوله : { وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } الجملة حالية من فاعل تقتلوا ، وحرم جمع حرام ، يقع على المحرم وإن كان في الحل ، وعلى من في الحرام وإن كان حلالاً ، فهما سيان في النهي عن قتل الصيد . َقوله : { وَمَن قَتَلَهُ } من اسم شرط جازم ، وقتل فعل الشرط ، وقوله : { فَجَزَآءٌ } مبتدأ خبره محذوف قدره المفسر بقوله : ( فعليه ) وقوله : { مِّثْلُ } خبر لمحذوف تقديره هو مثل ، والجملة جواب الشرط ، والمعنى أن ما قتله المحرم أو من في الحرم ، أول مدخل في قتله ، فعليه جزاؤه ، وهو ميتة لا يجوز أكله ، ويقدم المضطر ميتة غيره عليه . قوله : { مُّتَعَمِّداً } سيأتي للمفسر أنه لا مفهوم وله ، بل الخطأ والنسيان كذلك ، إلا أن الحرمة مختصة بالمتعمد . قوله : { مِنَ ٱلنَّعَمِ } أي الإنسية وهي الإبل والبقر والغنم ، والجار والمجرور حال من مثل أو صفة له . قوله : ( وفي قراءة ) وهي سبعية أيضاً . قوله : ( بإضافة جزاء ) إن قلت على هذه القراءة يقتضي أن الجزاء لمثل المقتول لا المقتول نفسه مع أنه ليس كذلك . أجيب بأجوبة منها : أن الإضافة بيانية ، ومنها أن مثل زائدة ، ومنها أن جزاء مصدر مضاف لمفعوله ، أي أن يجازى القاتل مثل المقتول حال كون المصل من النعم . قوله : ( رجلان ) قدره إشارة إلى أن ذوا صفة لموصوف محذوف . قوله : { ذَوَا عَدْلٍ } أي عدل شهادة . قوله : ( يميزان بها ) أي بتلك الفطنة أي العقل الزكي قوله : ( وقد حكم ابن عباس ) أي وحكم الصحابة المذكور بين أصول المماثلة ، وأما جزئيات الوقائع ، فلا بد لكل واحد من حكم إلى يوم القيامة ، لاختلاف الصيد بالكبر والصغر ، ولا بد من كون الجزاء المحكوم به يجزئ ضحية عند مالك . قوله : ( في النعامة ) أي ومثلها الزرافة والفيل ، وقوله : ( في الظبي ) أي ومثله الضب . قوله : ( لأنه يشبهها في العب ) أي شرب الماء بلا مص ، وهذا التعليل للإمام الشافعي ، وقال مالك بوجوب الشاة في خصوص حمام مكة ويمامة تعبداً ، فإن لم يكن شاة فصيام عشرة أيام من غير تقويم ولا حكم ، وحمام غيرها وسائر الطيور ليس فيه إلا قيمته طعامناً أو عدله صياماً . قوله : ( حال من جزاء ) ويصح أن يكون تمييزاً ، وأن يكون مفعولاً مطلقاً والتقدير يهديه هدياً . قوله : ( فعليه ) أي طعاماً لكل مسكين مد ، أو يصوم عن كل مد يوماً ، فهو مخير بين أمرين فيما لا مثل له ، وبين ثلاثة فيما له مثل . قوله : ( وإن وجده ) أي الجزاء وهو مبالغة في الكفارة ، أي الكفارة عليه ، هذا إذا لم يجد الجزاء ، بل وإن وجده . قوله : ( لكل مسكين ) أي من مساكين المحل الذي هو به ، وأما الصيام فلا يختص بزمان ولا مكان . قوله : ( وجب ذلك ) أي الجزاء بأقسامه الثلاثة ، وقوله : { لِّيَذُوقَ } متعلق بقوله : ( وجب ) وكان المناسب أن يأتي بالواو ليفيد أنه كلام مستأنف ، وليس جواباً لقوله فإن وجده لفساد ذلك . قوله : { وَبَالَ أَمْرِهِ } أي جزاء ذنبه الصادر منه ، ويؤخذ من ذلك أن قتل الصيد متعمداً للمحرم أو من في الحرم كبيرة ، ولو أخرج الجزاء فيحتاج لتوبة . قوله : ( ثقل جزاء ) { أَمْرِهِ } أي لأن إخراج المال ثقيل على النفس ، والصوم فيه إنهاك للبدن فهو ثقيل أيضاً . قوله : { عَفَا ٱللَّهُ عَمَّا سَلَف } أي لا يؤاخذ به ، فلا يرد أن ما قبل التحريم لا ذنب في قتله . قوله : { فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ مِنْهُ } أي يعاقبه . قوله : ( فيما ذكر ) أي في لزوم الجزاء ، وإن كان لا إثم فيه . قوله : ( الخطأ ) أي الغلط والنسيان . قوله : ( كالسمك ) أي وغيره من دواب البحر ، وإن كان على صورة آدمي أو خنزير . قوله : ( كالسرطان ) أي والضفدع والتمساح . قوله : ( وهو ما يعيش فيه ) الأولى ما لا يعيش إلا فيه . قوله : ( من الوحش ) استثنى الشارع الفأرة والحية والعقرب والكلب العقور والحدأة والعادي من السباع . قوله : ( فلو صاده حلال ) أي لنفسه أو لحلال ، وأما ذبحه لمحرم من غير دلالة من المحرم عليه فميتة عند مالك ، وعند الشافعي ليس بميتة . قوله : ( كما بينته السنة ) أي كما روي عن أبي قتادة الأنصاري قال : كنت جالساً مع رجال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في منزل في طريق مكة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أمامنا ، والقوم محرمون ، وأنا غير محرم ، وذلك عام الحديبية ، فأبصروا حماراً وحشياً ، وأنا مشغول أخصف النعل ، فلم يؤذوني وأحبوا لو أبصرته ، فالتفت فأبصرته ، فقمت إلى الفرس فأسرجته ثم ركبت ، ونسيت السوط والسرع والرمح ، فقلت لهم : ناولوها لي ، فقالوا : لا والله لا نعينك عليه ، فغضبت ونزلت فأخذتهما ثم ركبت ، فشددت على الحمار فعقرته ، ثم جئت به وقد مات ، فوقعوا فيه يأكلون ، ثم إنهم شكوا في أكلهم إياه وهم حرم ، فرحنا وخبأت العضد ، فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك فقال : هل معكم شيء منه ؟ فقلت نعم ، فناولته العضد فأكل منه وهو محرم ، زاد في رواية أن النبي قال لهم إنما هي طعمة أطعمكموها الله . قوله : { ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } أي لا إلى غيره ، فلا أحد غير الله يُلتجأ إليه حتى يتوهم الفرار من وعيد الله .