Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 97-97)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلْكَعْبَةَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ قِيَٰماً لِّلنَّاسِ } يحتمل أن جعل بمعنى صير ، فيكون قوله الكعبة مفعول أول ، وقياماً مفعول ثاني ، ويحتمل أنها بمعنى خلق فيكون قياماً حالاً ، والبيت الحرام عطف بيان على الكعبة . إن قلت … إن عطف البيان إنما يكون مبيناً موضحاً ، وهنا ليس كذلك ، إذ من المعلوم أن الكعبة هي البيت الحرام . أجيب بأنه للاحتراز عن بيت خثعم الذي سموه الكعبة اليمانية ، فهو هنا للتوضيح لدفع الإلباس بغيره . وأجيب أيضاً بأنه جيء به لمجرد المدح ، إذ الكعبة عند العرب لا تنصرف إلاّ للبيت الحرام على حد { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الفاتحة : 1 ] إذ من المعلوم أن الله هو رب العالمين . إن قلت : إن البيت جامد والمدح لا يكون إلا بمشتق . أجيب بأنه وصف بمشتق وهو الحرام ، والكعبة لغة بيت مربع ، فسميت الكعبة بذلك . قوله : { قِيَٰماً } أصله قواماً وقعت الواو بعد كسرة قلبت ياء . قوله : ( بالحج إليه ) أي فهو أحد أركان الدين ، فلا يكمل إلا به ، لأن من أتى بأركان الدين ما عداه مع القدرة عليه ، فلم يكمل دينه ، وقد حرم نفسه من الرحمات المشار إليها بقوله صلى الله عليه وسلم : " ينزل من السماء كل يوم وليلة مائة وعشرون رحمة ، ستون للطائفين ، وأربعون للمصلين ، وعشرون للناظرين " قوله : ( بأمن داخله ) أي الحرم لا خصوص الكعبة . قوله : ( وعدم التعرض له ) أي للتداخل عاقلاً أو غيره . قوله : ( وجبي ثمرات كل شيء إليه ) أي نقلها له وذلك بدعوة إبراهيم عليه السلام حين قال : { وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } [ إبراهيم : 37 ] وقال تعالى في مقام الامتنان { يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ } [ القصص : 57 ] . قوله : ( وفي قراءة ) وهي سبعية أيضاً . قوله : ( قيماً ) أي على وزن عنب . قوله : ( مصدر قام ) أي أيضاً إذ قياماً مصدر له أيضاً . قوله : ( غير معل ) أي الآن بقلب واوه ياء ، فلا ينافي أن أصله معل وهو قياماً ، فالياء الثابتة في قياماً هي الموجودة في قيماً غير أن ألفه حذفت ، فيلاحظ أن قيماً فرع عن قياماً ، فلم يحصل فيه تغير إلا حذف الألف . قوله : { وَٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ } معطوف على الكعبة ، وأل فيه للجنس فيشمل الأشهر الأربعة ، ولهذا أشار المفسر بقوله : ( يعني الأشهر الخ ) . قوله : ( قياماً ) قدره إشارة إلى أنه محذوف من الثاني لدلالة الأول عليه . قوله : ( بأمنهم القتال فيها ) أي فكانت العرب يغير بعضهم على بعض ، ويقتل بعضهم بعضاً ، إلا في الأشهر الحرم . قوله : { وَٱلْهَدْيَ } أي فهو من مصالح الدين لجبره نقص الحج ، والدنيا لحصول البركة فيما بقي من ماله بسبب إنفاقه الهدي في سبيل الله ، وهكذا كل صدقة بها مصالح الدين بتكفير الذنوب ، ومصالح الدنيا بنمو المال ، ووقاية صاحبها مصارع السوء . قوله : { وَٱلْقَلاَئِدَ } أي التي كانوا يقلدون بها أنفسهم إذا خرجوا من مكة لمصالحهم ، فكانوا يأخذون من شجر الحرم شيئاً ويضعونه في عنقهم إذا خرجوا ، ليأمنوا على أنفسهم وأموالهم . قوله : { ذٰلِكَ لِتَعْلَمُوۤاْ } اسم الإشارة مبتدأ ، ولتعلموا خبره ، وأن اسمها وخبرها في محل نصب سدت مسد مفعولي تعلموا ، وقوله : { وَأَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } معطوف على أن الأولى من عطف العام على الخاص . قوله : ( فإن جعله ذلك ) أي المتقدم ذكره وهو الكعبة الشهر الحرام والهدي والقلائد . قوله : ( لجلب المصالح ) علة لما قبله ، وقوله : ( دليل الخ ) خبر إن . قوله : ( وما هو كائن ) أي الآن أو في المستقبل .