Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 36-39)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ } { أَمْ } منقطعة ، والمعنى أبل لم يخبر بالذي في صحف موسى الخ ، حتى يغتر بما قيل له ، وقدم موسى لقرب عهده منهم ، وخص هذين الرسولين ، لأنهم كانوا قبل إبراهيم يأخذون الرجل بذنب غيره ، فكان الرجل إذا قتل ، وظفر أهل المقتول بأبي القاتل أو ابنه أو أخيه أو عمه أو خاله قتلوه ، حتى جاءهم ابراهيم ، فنهاهم عن ذلك وبلغهم عن الله { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } . قوله : ( تمم ما أمر به ) أي من تبليغ الرسالة ، وقيامه بالضيفان ، وخدمته إياهم بنفسه ، فكان يخرج يلتقي الضيفان من مسافة فرسخ ، فإن وجد الضيفان أكرمهم وأكل معهم ، وإلا نوى الصوم ، وصبره على النار ، وذبح ولده ، وقيل : المراد { وَفَّىٰ } سهام الإسلام وهي ثلاثون : عشرة في التوبة { ٱلتَّائِبُونَ ٱلْعَابِدُونَ } [ التوبة : 112 ] وعشرة في الأحزاب { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ } [ الأحزاب : 35 ] ، وعشرة في المؤمنون { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ المؤمنون : 1 ] وقيل : المراد { وَفَّىٰ } بكلمات كان يقولهن إذا أصبح وإذا أمسى { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ } [ الروم : 17 ] إلى { تُظْهِرُونَ } [ الروم : 18 ] والمعنى أنه ما أمره الله تعالى بشيء إلا وفى به . قوله : ( وبيان ما ) أي فقوله ( أن لا تزر ) في محل جر بدل من ما في قوله : { بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ } ويصح رفعه على أنه خبر لمحذوف ، أي هو { أَلاَّ تَزِرُ } ونصبه على أنه مفعول لمحذوف ، قوله : { وَازِرَةٌ } صفة لموصوف محذوف ، أي نفس وازرة ، أي مكلفة بالوزر ، وليس المراد وازرة بالفعل . قوله : { وِزْرَ أُخْرَىٰ } أي وزر نفس أخرى . قوله : ( الخ ) المراد به قوله : { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ } [ النجم : 55 ] ، وهذا على فتح همزة { أَنَّ } في قوله : { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } [ النجم : 42 ] وما بعده وهي المراد ثمانية تضم لثلاث قبلها ، فتكون الجملة أحد عشر شيئاً ، وأما على قراءة الكسر في هذه الثمانية ، فيكون المراد بقوله إلى آخره { ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَآءَ ٱلأَوْفَىٰ } فيكون البيان بالثلاثة الأول فقط . قوله : ( وأن مخففة من الثقيلة ) أي واسمها محذوف هو ضمير الشأن و { لاَّ تَزِرُ } هو الخبر . قوله : { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } استشكل هذا الحصر بأمور : منها أن الدال على الخير كفاعله ، ومنها واتبعتهم ذريتهم بإيمان ، ومنها إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ، إلى قوله أو ولد صالح يدعو له ، ومنها غير ذلك . قال الشيخ تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية : من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلا بعمله ، فقد خرق الإجماع ، وذلك باطل من وجوه كثيرة ، أحدها : أن الإنسان ينتفع بدعاء غيره وهو انتفاع بعمل الغير . ثانيها : أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع لأهل الموقف في الحساب ثم لأهل الجنة في دخولها . ثالثها : لأهل الكبائر في الخروج من النار ، رابعها : أن الملائكة يدعون ويستغفرون لمن في الأرض . خامسها : أن الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيراً قط بمحض رحمته ، وهذا انتفاع بغير عملهم . سادسها : أن أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم . سابعها : قال تعالى في قصة الغلامين اليتيمين { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً } [ الكهف : 82 ] . ثامنها : أن الميت ينتفع بالصدقة عنه وبالعتق بنص السنة والإجماع . تاسعها : أن الحج المفروض يسقط عن الميت بحج وليه عنه بنص السنة . عاشرها : أن الحج المنذور أو الصوم المنذور يسقط عن الميت بعمل غيره بنص السنة وهو انتفاع بعمل الغير . حادي عشرها : المدين قد امتنع صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه حتى قضى دينه أبو قتادة ، وقضى دين الآخر علي بن أبي طالب ، وانتفع بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم وهو من عمل الغير ، إلى آخر ما قال . وأجيب بأجوبة منها : أن الآية منسوخة ، ورد بأنها خبر ، والأخبار لا تنسخ . ومنها : أن المراد بالإنسان الكافر . ومنها : أن هذا حكاية عما في صحف موسى وإبراهيم فليس في شرعنا .