Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 3-9)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { عَنِ ٱلْهَوَىٰ } متعلق بينطق ، والمعنى ما يصدر نطقه عن هوى نفسه ، ومثله الفعل بل جميع أحواله ، وهو مفرع على ما قبله ، لأنه إذا علم تنزهه عن الضلال والغواية ، تفرع عليه أنه لا ينطق عن هواه قرآنه أو غيره . قوله : { إِنْ هُوَ } الضمير عائد على النطق المأخوذ من ينطق ، والمعنى : ما يتكلم به من القرآن وغيره ، ومثل النطق الفعل وجميع أحواله ، فهو صلى الله عليه وسلم لا ينطق ولا يفعل إلا بوحي من الله تعالى ، لا عن هوى نفسه ، قوله : { يُوحَىٰ } الجملة صفة لوحي ، أتى بها لرفع توهم المجاز ، كأنه قال : هو وحي حقيقة ، لا مجرد تسميته . قوله : { عَلَّمَهُ } ( إياه ) الضمير المذكور هو المفعول الأول عائد على النبي ، والثاني الذي قدره المفسر عائد على الوحي . قوله : { شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } صفة لموصوف محذوف قدره المفسر بقوله : ( ملك ) وهو جبريل عليه السلام ، ومن شدة قوته اقتلاعه مدائن قوم لوط ، ورفعها إلى السماء وقلبها ، وصياحه على قوم ثمود ، ونتقه الجبل على بني إسرائيل ، وهذه الشدة حاصلة فيه ، ولو تشكل بصورة الآدميين ، لأنها لا تحكم عليهم الصورة ، وهذا قول الجمهور ، وقيل : المراد به الرب سبحانه وتعالى ، والمراد بالقوى في حقه تعالى ، صفات الاقتدار كالكبرياء والعظمة . قوله : { ذُو مِرَّةٍ } أي قوة باطنية وعزم وسرعة وحركة ، فغاير ما قبله ، فجبريل أعطاه الله قوة ظاهرية وقوة باطنية ، وقيل : المرة وفور العلم ، وقيل : الجمال . قوله : { فَٱسْتَوَىٰ } عطف على قوله : { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } . قوله : { وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } الجملة حالية . قوله : ( وكان ) أي النبي صلى الله عليه وسلم قوله : ( وكان قد سأله ) الخ ، تعليل لقوله : { فَٱسْتَوَىٰ } وذلك أن جبريل كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة الآدميين ، كما يأتي إلى الأنبياء ، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم أن يريه نفسه التي جعله الله عليها . فأراه نفسه مرتين ، مرة بالأرض ومرة بالسماء ، ولم يره أحد من الأنبياء على صورته التي خلق عليها إلا نبينا صلى الله عليه وسلم . قوله : ( فنزل جبريل ) عطف على قوله : ( فخر مغشياً عليه ) . قوله : ( زاد في القرب ) أي فالكلام باق على ظاهره ، وقيل : في الكلام قلب ، والأصل فتدلى ثم دنا ، ومعنى تدلى رجع لصورته الأصلية . قوله : { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ } في الكلام حذف ، والأصل فكان مقدار مسافة قربه منه ، مثل مقدار مسافة قاب قوسين ، والقاب القدر ، وقيل : هو ما بين المقبض والطرف ، ولكل قوس قابان ، فأصل الكلام فكان قابي قوسين ، فحصل في الكلام قلب . قوله : { أَوْ أَدْنَىٰ } أو بمعنى بل ، نظير قوله تعالى : { أَوْ يَزِيدُونَ } [ الصافات : 147 ] أو على بابها ، والشك بالنسبة للرائي ، والمعنى : إذا نظرت إليه وهو في تلك الحالة ، وتتردد بين المقدارين . قوله : ( حتى أفاق ) غاية لمحذوف أو ضمه إليه حتى أفاق ، روي أنه لما أفاق قال : يا جبريل ما ظننت أن الله خلق أحداً على مثل هذه الصورة ، فقال : يا محمد إنما نشرت جناحين من أجنحتي ، وإن لي ستمائة جناح ، سعة كل جناحٍ ما بين المشرق والمغرب ، فقال صلى الله عليه وسلم : إن هذا لعظيم ، فقال جبريل : وما أنا في جنب خلق الله إلا يسيراً ، ولقد خلق الله إسرافيل ، له ستمائة جناح ، كل جناح منها قدر جميع أجنحتي ، وإنه ليتضاءل أحياناً من مخافة الله تعالى ، حتى يكون بقدر الوصع ، أي العصفور الصغير ، وهذا على كلام الجمهور ، وأما على المراد به الرب سبحانه وتعالى ، فمعنى الاستواء : الاستعلاء والقهر ، ومعنى الدنو والتدلي : تجليه بصفة الجمال والمحبة لعبده ، على حد ما قيل في ينزل ربنا كل ليلة .