Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 33-36)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ } الخ ، هذا إلزام وتعجيز ، لمن لم يرض بقضاء الله وقدره ، وهو إشارة لمعنى حديث قدسي : " من لم يرض بقضائي ويصبر على بلائي ، فليخرج من تحت سمائي ، ويتخذ رباً سوائي " . وعلى هذا فالخطاب يقال لهما في الدنيا ، وقيل : يقال لهما هذا يوم القيامة لما ورد : " إذا كان يوم القيامة ، أمر الله السماء الدنيا فتشقق بأهلها ، فتكون الملائكة على حافاتها ، حتى يأمرهم الرب فينزلون إلى الأرض ، فيحيطون بالأرض ومن فيها ، ثم يأمر السماء التي تليها كذلك فينزلون فيكونون صفاً خلف ذلك الصف ، ثم السماء الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة ، فتنزل ملائكة الرفيق الأعلى ، فلا تأتون قطراً من أقطارها ، إلا وجدوا صفوفاً من الملائكة ، فلذلك قوله تعالى : { يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ } " الآية ، والحكمة في تقديم الجن هنا على الإنس ، وتأخيرهم عنهم في قوله تعالى : { قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ } [ الإسراء : 88 ] أن الجن أقوى من الإنس ، فقدموا فيما يتعلق بالهروب ، والإنس أفصح من الجن ، فقدموا فيما يتعلق بالمعارضة بالقرآن ، فقدم في كل موضع ما يناسبه . قوله : ( قوة ) هذا أحد قولين في تفسير السطان ، وقيل هو البينة والحجج الواضحة . قوله : { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا } أي من التنبيه والتحذير والعفو ، مع كمال القدرة على العقوبة . قوله : { يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا } إما جملة مستأنفة قصد بها بيان أهوال يوم القيامة ، وهذا على القول بأن الخطاب المتقدم في الدنيا ، وأما على القول بأنه في الآخرة ، فالكلام مرتبط ببعضه وليس مستأنفاً . قوله : { شُوَاظٌ } بكسر الشين وضمها ، قراءتان سبعيتان ولغتان بمعنى واحد . قوله : ( وهو لهبها الخالص من الدخان ) هذان قولان من أربعة ، وقيل هو اللهب الأحمر ، وقيل هو الدخان الخارج من اللهب . قوله : { وَنُحَاسٌ } إما بالرفع عطف على { شُوَاظٌ } أو الجر عطف على { نَّارٍ } قراءتان سبعيتان ، لكن قراءة الجر لا بد فيها من كسر شين { شُوَاظٌ } أو إمالة { نَّارٍ } فمن قرأ بجر { وَنُحَاسٌ } بدون أحد الأمرين ، فقد وقع في التلفيق . قوله : ( أي دخان ) الخ ، هذا التفسير إنما يناسب قراءة الرفع لا الجر ، وإلا فيصير المعنى : يرسل عليكما شواظ . أي لهب من نحاس ، أي دخان لا لهب فيه ، وهو لا يصح إلا أن يقال الشواظ يطلق بالاشتراك على اللهب الخالص والدخان . قوله : { فَلاَ تَنتَصِرَانِ } أي لا تجدان لكما ناصراً ، واعلم أن هذا الأمر ، وهو سوق الجن والإنس بالنار إلى المحشر وازدحامهم ، حتى يكون على القدم ألف قدم ، ليس لعموم الجن والإنس ، بل ورد في أناس أنهم يخرجون من قبورهم لقصورهم ، لا يحزنهم الفزع الأكبر ، وكل واحد ممن حضر الموقف على قدر عمله ، فمنهم من يظل في ظل العرش ، ومنهم من يلجمه العرق ، ومنهم من يراه قصيراً ، ومنهم من يراه طويلاً ، هذا هو التحقيق . قوله : ( من ذلك ) أي المذكور من الشواظ والنحاس . قوله : ( بل يسوقكم ) أي المذكور منهما . قول : ( لنزول الملائكة ) أي لتحيط بالعالم من سائر جهات الأرض .