Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 46-51)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } أي لكل شخص خائف ، سواء كان من الإنس أو من الجن ، فالجن كلإنس في النعيم ، وهو ما عليه الأئمة الثلاثة ، وقال أبو حنيفة : إن من مات من الجن مسلماً ، يصير تراباً كالبهائم ، ولا حظ له في النعيم ، قوله : ( أي لكل منهم ) أي لكل فرد من أفراد الخائفين جنتان ، واختلف في المراد بالجنتين اللتين يعطاهما كل خائف ، فقيل جنة لعقيدته وجنة لعمله ، وقيل جنة لطاعته ، وقيل جنة لترك المعاصي ، وقل جنة يثاب بها وجنة يتفضل بها عليه . وقيل إحدى الجنتين منزلة ، والأخرى منزل أزواجه ، كعادة الأكابر في الدنيا ، وقيل إحدى الجنتين مسكنة والآخر بستانه ، وقيل إحدى الجنتين خلقت له ، والأخرى جنة ورثها من الكفار ، وعلى كل من الأقوال تسمى إحداهما جنة عدن ، والأخرة جنة النعيم ، وروي عن ابن عباس في وصف الجنتين أنه قال : الجنتان بستانان في عرض الجنة ، كل بستان مسيرة مائة عام ، في وسط كل بستان دار من نور ، وليس منهما شيء إلا يتهز نعمة وخضرة ، قرارها ثابت ، وشجرها نابت ، وقيل : المراد بالجنتين جنة واحدة ، وإنما يثنى رعاية للفواصل . قوله : ( أو لمجموعهم ) أي إن الكلام على سبيل التوزيع ، فإحدى الجنتين للخائف الإنسي ، والأخرى للخائف الجني ، فكل خائل ليس له إلا جنة واحدة ، والأول هو المعتمد . قوله : ( قيامه بين يديه ) الخ ، أشار بذلك إلى أن المقام مصدر ميمي بمعنى القيام ، وهو أحد احتمالات ثلاث في تفسير المقام ، والثاني أنه اسم مكان ، أي خاف من مكان وقوفه للحساب ، والثالث أنه مصدر ميمي بمعنى قيام الله عز وجل على الخلائق ، أي إشرافه واطلاعه عليهم ومناقشته لهم في الحساب . قوله : ( فترك معصيته ) أي فتسبب عن خوفه تركه المعاصي ، واعلم أن الخوف مرتبتان : مرتبة العامة وهي خوف تعذيب الله أياهم ، ومرتبة الخاصة وهي خوف جلال الله وهيبته ، وفيها فليتنافس المتنافسون ، وللعارفين تفسير آخر وهو أن المراد بالخوف خوف الإجلال والتعظيم والهيبة ، والمراد بالجنتين : جنة الشهود في الدنيا بالقلب وفي الآخرة بالإبصار ، وجنة الثواب في الآخرة لا غير . قوله : { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا } أي نعمه { تُكَذِّبَانِ } ، أبتلك النعم التي من جملتها الجنة ونعيمها أم بغيرها ؟ قوله : { ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ } إما صفة الجنتان أو خبر لمحذوف أي هما . قوله : ( تثنية ذوات ) أي الذي هو مفرد . قوله : ( على الأصل ) أي وذلك لأن أصلها ذوي ، تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفاً فصار ذوى كفتى ، فهذه الألف لام الكلمة ، وإنما قلبت الياء ألفاً دون الواو ، مع أن كلاً منهما متحرك ، وما قبله مفتوح لأنها ظرف ، والظرف في محل تغيير ، ولم ترد هذه الألف في التثنية إلياء ، فيقال : ذويتان ، لأنه لما زيدت التاء في هذا اللفظ ، تحصنت الألف من الرد إلى الياء ، وما في الآية هو الفصيح في تثنيتها ، وقد تثنى على لفظها فيقال ذاتان . قوله : ( أغصان ) أي وهي فروع الشجر التي تشمتمل على الورق والثمار . قوله : ( جمع فنن ) هذا أحد قولين ؛ وقيل جمع فن أن نوع وشكل . قوله : { فِيهِمَا } أي في كل واحدة منهما . قوله : { عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ } أي بالماء الزلال ، إحداهما تسمى التسنيم ، والأخرى السلسبيل ، وقيل إحداهما من ماء غير آسن ، والآخرى من خمر لذة للشاربين .