Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 13-26)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } الثلة بالضم في قراءة العامة الجماعة من الناس ، وأما بالكسر فمعناها الهلكة . قوله : ( وهم السابقون ) الخ ، أي إلى الإيمان بالأنبياء عياناً واجتمعوا عليهم ، وذلك لأن المؤمنين الذين اجتمعوا على الأنبياء جماعة كثيرة ، والمؤمنين الذين اجتمعوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة قليلة بالنسبة لمجموع الأمم ، وهذا لا ينافي كون هذه الأمة المحمدية ثلثي أهل الجنة ، لأن ما هنا فيمن اجتمع بالأنبياء مشافهة ، إذا علمت ذلك ، فتفسير المفسر السابقين المتقدم ذكرهم بالأنبياء غير واضح ، فالمناسب أن يقول : والسابقون إلى الخير من أمة كل نبي ، وبعض المفسرين جعل الخطاب في قوله : { وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً } [ الواقعة : 7 ] لهذه الأمة ، وحينئذ فالمراد بالسابقين خيارهم ، وأهل اليمين عوامهم ، وأهل المشأمة كفارهم ، وقوله : { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } يعني جماعة كثيرة من أوائل هذه الأمة ، وقوله : { وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } يعني أن من أتى بعد أوائل هذه الأمة من الخيار قليل بالنسبة لأوائلها ، وإن كان كثيراً في نفسه ، ولعل هذا التفسير أقرب . قوله : { عَلَىٰ سُرُرٍ } جمع سرير ، وهو ما يوضع للشخص من المقاعد العالية كرامة وإجلالاً ، قال الكلبي : طول كل سرير ثلاثمائة ذراع ، فإذا أراد العبد أن يجلس عليه ، تواضع وانخفض له ، فإذا جلس عليه ارتفع . قوله : { مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا } أي على السرر . قوله : { مُتَقَابِلِينَ } أي فلا ينظر بعضهم إلى قفا بعض ، بل إذا أراد أحدهم الانصراف دار به سريره . قوله : { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ } هذه الجملة إما حال أو استئناف . قوله : { وِلْدَانٌ } بكسر الواو باتفاق القراء ، جمع وليد بمعنى مولود . قوله : ( على شكل الأولاد ) أي فهم مخلوقون في الجنة ابتداء كالحور العين ، ليسوا من أولاد الدنيا ، وإنما سموا أولاداً لكونهم على شكل الأولاد كما أفاده المفسر ، وهذا هو الصحيح ، وقيل : هم أولاد المؤمنين الذين ماتوا صغاراً ، ورد بأن الله أخبر عنهم ، أنهم يلحقون بآبائهم في السيادة والخلقة ، وقيل هم صغار أولاد الكفار ، وقيل غير ذلك . قوله : ( لا يهرمون ) تفسير لقوله : { مُّخَلَّدُونَ } والمعنى : لا يتغيرون عن حالة الولدان من الطراوة والنعومة ، بخلاف أولاد الدنيا في الدنيا ، فإنهم يتغيرون بالشيخوخة . قوله : { وَأَبَارِيقَ } جمع إبريق مشتق من البريق لصفاء لونه . قوله : ( لها عرى ) أي ما يمسك بها المسماة بالآذان . قوله : ( وخراطيم ) هي المسماة بالبزابير . قوله : { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا } أي لا يحصل لهم صداع من أجلها ، والصداع معروف يلحق الإنسان في رأسه . قوله : ( أي لا يحصل لهم ) الخ ، لف ونشر مرتب . قوله : { مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ } أي يختارون . قوله : { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } ورد " أن في الجنة طيراً مثل أعناق البخت ، تعطف على يد ولي الله ، فيقول أحدها : يا ولي الله رعيت في مروج تحت العرش ، وشربت من عيون التسنيم ، فكل مني ، فلا يزلن يفتخرن بين يديه ، حتى يخطر على قلبه أكل أحدها ، فيخر بين يديه على ألوان مختلفة ، فيأكل منها ما أراد ، فإذا شبع ، تجمع عظام الطير فطار يرعى في الجنة حيث شاء ، فقال عمر : يا رسول الله إنها لناعمة ؟ قال : آكلها أنعم منها " . وقال ابن عباس رضي الله عنه : يخطر على قلبه لحم الطير ، فيصير بين يديه على ما يشتهي ، أو يقع على الصفحة فيأكل منها ما يشتهي ثم يطير . قوله : { وَحُورٌ عِينٌ } مبتدأ خبره محذوف قدره بقوله : ( لهم ) . قوله : ( شديدات سواد العيون ) هذا من جملة تفسير العين ، فلو أخره بعده لكان أوضح ، فالعين شديدات سواد العيون مع سعتها ، وأما الحور فقيل : هو بياض أجسادهن ، وقيل : هو شدة بياض العين في شدة سوادها . قوله : ( بدل ضمها ) أي الذي هو حقها ، لأن أصلها عين بضم العين وسكون الياء ، كسرت العين لتصح الياء . قوله : ( وفي قراءة بجر حور عين ) أي وهي سبعية أيضاً ، عطف على { جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } [ الواقعة : 12 ] كأنه قيل : هم في جنات النيعم ، وفاكهة ولحم وحور عين . قوله : { كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ } أي المستور في الصدف ، لم تمسه الأيدي ولا الشمس والهواء ، روي أنه يسطع نور في الجنة فيقولون : ما هذا ؟ فيقال : ثغر حوراء ضحكت في وجه زوجها ، وروي أن الحوراء إذا مشت ، يسمع تقديس الخلاخيل من ساقها ، وتمجيد الأسورة من ساعديها ، وعقد الياقوت في نحرها ، وفي رجليها نعلان من ذهب ، شراكهما من لؤلؤ يصيحان بالتسبيح ، قوله : { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } الباء سببية ؛ وما مصدرية أو موصولة . قوله : ( لكن ) { قِيلاً } أشار بذلك إلى أن الاستثناء منقطع ، وذلك لأن السلام ليس من جنس اللغو والتأثيم . قوله : ( بدل من قيلا ) أي أو نعت له أو منصوب بقيلا ، أي إلا أن يقولوا سلاماً سلاماً . قوله ( فإنهم يسمعونه ) أي من الله والملائكة ، وبعضهم بعضاً .