Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 2-4)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : ( بالإنشاء ) أي من العدم ، وفيه رد على من يزعم ، أن الإحياء يكون بترك الحي من غير قتل مثلاً كالنمرود حيث قال في محاجة ابراهيم عليه السلام : أنا أحيي وأميت ، وأتى برجلين فأطلق أحدهما وقتل الآخر . قوله : { وَيُمِيتُ } ( بعده ) أي بعد الأحياء الحاصل بالإنشاء ، وأما الإحياء الثاني فلا موت بعده ، قال تعالى : { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ إِلاَّ ٱلْمَوْتَةَ ٱلأُولَىٰ } [ الدخان : 56 ] . قوله : { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } بضم الهاء وسكونها ، قراءتان سبعيتان في جميع القرآن . قوله : { هُوَ ٱلأَوَّلُ } ( قبل كل شيء ) أي السابق على جميع الموجودات ، وقوله : ( بلا بداية ) أي فلا افتتاح لوجوده . قوله : { وَٱلآخِرُ } ( بعد كل شيء ) أي الباقي بذاته بعد استحقاق كل ما سواه الفناء ، وبهذا اندفع ما يقال : إن الجنة والنار وما فيهما ، لا يطرأ عليهما الفناء ، لأن كل موجود بعد عدم قابل للفناء ، وبقاء ما ذكر ببقاء الله تعالى لا ذاتي له ، قال العارف : @ من لا وجود لذاته من ذاته فوجوده لولاه عين محال @@ قوله ( بالأدلة عليه ) أي وهي آثاره وتصاريفه في خلقه : @ ففي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد @@ قوله : ( عن إدارك الحواس ) أي الظاهرية والباطنية ، فلا تحيط به في الدنيا ولا في الآخرة ، وإنما رؤيته وسماع كلامه في الآخرة ، من غير كيف ولا انحصار ولا إحاطة ، فكل مخلوق عاجز عن الإحاطة به ، بل كلما عظم قرب العبد منه ، ازداد خشية وهيبة وعجزاً ، ولذا ورد في الحديث : " سبحان من لا يعلم قدره غيره ، ولا يبلغ الواصفون صفته " . وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أراد أحدكم أن ينام ، فليضطجع على شقه الأيمن ويقول : اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء ، فالق الحب والنوى ، منزل التوراة والإنجيل والقرآن ، أعوذ بك من شر كل شيء ، وأنت آخذ بناصيته " . وفي رواية : " من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها ، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، أقضي عنا الدين ، وأغننا من الفقر " ا هـ . وأتى بالواور الأولى والثالثة ، للجمع بين الوصفين الأولين والآخيرين ، والثالثة للجمع بين مجموع الأصناف الأربعة ، فهو تعالى متصف بالأولية وضدها ، والظاهرية وضدها ، وتلك الصفات الأربع مجموعة فيه تعالى ، فالواو الأولى والثالثة عطفت مفرداً على مفرد ، والثانية عطفت مجموع أمرين على مجمع أمرين . قوله : ( الكرسي ) تقدم غير مرة ، أن المناسب إبقاء العرش على ظاهره . قوله : ( استواء يليق به ) تقدم أن هذا تفسير السلف ، وأما الخلف فيؤولونه بالقهر والغلبة . قوله : ( والسيئة ) المناسب حذفه ، لأن الذي يرفع إنما هو الأعمال الصالحة ، قال تعالى : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } [ فاطر : 10 ] . قوله : ( بعلمه ) أي وقدرته وإرادته ، فالمراد بالمعية تصارفه في خلقه .