Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 5-6)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ } الخ { مَا } شرطية و { مِّن لِّينَةٍ } بيان لما ، و { بِإِذْنِ ٱللَّهِ } خبر لمبتدأ محذوف أي فقطعها ، والجملة جواب الشرط ، واللينة قيل هي النخلة مطلقاً ، وقيل هي النخلة الكريمة ، وقيل غير ذلك ، روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل ببني النضير وتحصنوا بحصونهم ، أمر بقطع نخيلهم وإحراقها ، فخرج أعداء الله عند ذلك فقالوا : يا محمد زعمت أنك تريد الصلاح ، أمن الصلاح قطع الشجر وقطع النخل ؟ فهل وجدت فيما زعمت ، أنه نزل عليك الفساد في الأرض ؟ فوجد المسلمون في أنفسهم شيئاً مما قالوا ، وخشوا أن يكون ذلك فساداً ، واختلفوا في القطع وتركه ، فقال بعضهم : لا تقطعوا فإنه مما أفاء الله علينا ، وقال بعضهم : بل نغيظهم بقطعه ، فأنزل الله هذه الآية . قوله : { فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ } أي رضاه . قوله : ( أي خيركم في ذلك ) أي القطع والترك . قوله : { وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ } الخ ، لما بين حال بني النضير وما وقع لذواتهم ، أخذ يبين ما وقع في أموالهم . قوله : ( رد ) { ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ } أشار بذلك إلى أن الأموال التي كانت بأيدي بني النضير ، ليست لهم بالأصالة ، بل هي لمن أطاع الله تعالى ، وتلذذهم بها إنما هو صورة تعد منهم ، وذلك لأن الله تعالى خلق الناس لعبادته ، وخلق لهم ما في الأرض جميعاً ، ليستعينوا بها على طاعته ، فالكفار حيث عصوا ربهم ، فليس لهم استحقاق في تلك النعم . قوله : { فَمَآ أَوْجَفْتُمْ } الخ ، خبر ما الموصولة ، و { أَفَآءَ } صلته . قوله : ( أسرعتم ) الخ ، أي فالإيجاف اسراع المشي . قوله : ( يا مسلمين ) هكذا بالياء هنا وفيما تقدم ، وهو سبق قلم ، وصوابه بالواو ، ولأن المنادى يبنى على ما يرفع به ولا شك أن جمع المذكر السالم يرفع بالواو ، فيبنى المنادى عليها . قوله : { مِنْ } ( زائدة ) أي المفعول . قوله : { وَلاَ رِكَابٍ } هي ما يركب من الإبل ، غلب ذلك عليها من بين المركوبات ، فالعرب يطلقون لفظ الراكب على راكب البعير ، والفارس على راكب الفرس . قوله : ( أي لم تقاسموا فيه مشقة ) أي لم تقطعوا اليها مسافة ، ولم يحصل منكم حرب ، وذلك لكون قريتهم قريبة ، ولم يركبوا اليها خيلاً ولا إيلاً إلا النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان راكباً جملاً ، وقيل : حمارً مخطوماً بليف ، فافتتحها صلحاً ، فكان الأمر في تلك الأموال مفوضاً له صلى الله عليه وسلم يضعه حيث يشاء . قوله : { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ } أي فعادته تعالى جارية ، بأن الرسل ليسوا كآحاد الأمة ، بل يسلطهم الله على من يشاء ، من غير أن يقتحموا المشقات ويقاسموا الشدائد ، فتحصل أن مال الكفار ، إذا حصل من غير قتال ، فهو فيء يوضع تحت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما سيأتي بيانه ، ومثله المال الذي جهلت أربابه ، ومال من مات ولا وارث له ، والجزية ، وأعشار أهل الذمة ، وخراج الأرض على ما هو مبين في الفروع ، ويقوم مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده الخليفة . قوله : ( فأعطى منه المهاجرين ) أي لا على أنه غنيمة ، بل يوصف الفقر ، ليرفع بذلك مؤنتهم عن الأنصار ، لأنهم كانوا قد قاسموهم في الأموال والديار . قوله : ( وثلاثة من الأنصار ) أي وهم أبو دجانة وسهل بن حنيف والحرث بن الصمة ، وأعطى سعد بن معاذ سيف ابن أبي الحقيق ، وكان لهذا السيف ذكر وشأن عندهم .