Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 7-8)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ } ببيان لمصرف الفيء إثر بيان رده على رسول الله ، وحذف الواو من هذه الجملة ، لأنها بيان للأولى ، فهي غير أجنبية منها . قوله : ( كالصفراء ) الخ ، أي وأرض قريظة والنضير وهما بالمدينة ، وفدك وهي على ثلاثة أميال من المدينة ، وقرى عرينة وينبع . قوله : { فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ } اختلف في قسم الفيء ، فقيل : يسدس لظاهر الآية ، ويصرف سهم الله في عمارة الكعبة وسائر المساجد ، وقيل : يخمس للخمسة المذكورين ، وذكر الله للتعظيم . وفي القرطبي : وقال قوم منهم الشافعي : إن معنى الآيتين أن ما هنا والأنفال واحد ، أي ما حصل من أموال الكفار بغير قتال ، قسم على خمسة أسهم ، أربعة منها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسهم لذوي القربى ، وهم بنو هاشم وبنو المطلب ، لأنهم منعوا الصدقة ، فجعل لهم حق في الفيء ، وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لابن السبيل ، وأما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالذي كان من الفيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف عند الشافعي في قول إلى المجاهدين المرصدين للقتال في الثغور ، لأنهم قائمون مقام الرسول عليه الصلاة والسلام ، وفي قول آخر له : يصرف إلى مصالح المسلمين ، من سد الثغور ، وحفر الأنهار ، وبناء القناطر ، يقدم الأهم فالأهم ، وهذا في أربعة أخماس الفيء ، فأما السهم الذي كان من خمس الفيء والغنيمة ، فهو لمصالح المسلمين بعد موته صلى الله عليه وسلم بلا خلاف ، كما قال عليه الصلاة والسلام : " ليس في من غنائمكم إلا الخمس ، والخمس مردود فيكم " اهـ . وقالت المالكية : لا خلاف في أن الغنيمة تخمس ، وأما ما انجلى عنه أهله دون قتال فلا يخمس ، ويصرف في مصالح المسلمين باجتهاد الإمام ، ومثله جميع ما كان محله بيت المال ، وليس معنى الآيتين واحداً ، بل آية الأنفال فيما أوجف عليه ، وما هنا فيما لم يوجف عليه ، وقوله : { فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ } الخ ، ليس المقصود منه التخميس ، وإنما المقصود التعميم باجتهاد الإمام فتدبر . قوله : ( من بني هاشم وبني المطلب ) هذا مذهب الشافعي ، وعند مالك لآل بني هاشم فقط . قوله : { وَٱلْمَسَاكِينِ } المراد بهم ما يشمل الفقراء . قوله : ( المنقطع في سفره ) أي والمحتاج ولو غنياً ببلده . قوله : ( أي يستحقه النبي ) الخ ، إنما لم يقل الله ، والنبي إشارة إلى أن ذكر اسم الله للتعظيم والتبرك على التحقيق ، وظاهر الآية أن الفيء يخمس خمسة أخماس ، وأن للنبي خمسة وليس مراداً ، بل التخميس إنما هو للخمس لا للمال من أصله ، فالاشتراك المذكور إنما هو في الخمس ، وتقدم أن ذلك مذهب الشافعي ، وأما عند مالك فلا تخميس ، وإنما النظر فيه للإمام . قوله : { كَيْ لاَ يَكُونَ } الخ ، { كَيْ } ترسم هنا مفصولة من { لاَ } . قوله : ( بمعنى اللام ) أي لا التعليل ، والمعلل ما يستفاد مما سبق ، أي جعل الله الفيء لمن ذكر لأجل ألا يكون لو ترك على عادة الجاهلية دولة أي يتداوله الأغنياء ، كل من غلب منهم أخذه واستأثر به ، وذلك أن الجاهلية كانوا إذا غنموا غنيمة ، أخذ الرئيس ربعها لنفسه ، ثم يصطفي بعد أخذ الربع منها ما شاء ، فنسخ هذا الأمر ، وجعله الله يصرف في مصالح المسلمين على الوجه المتقدم . قوله : ( وأن مقدرة بعدها ) أي فالنصب بأن لا بها . قوله : { يَكُونَ } أي الفيء فيكون ناقصة اسمها ضمير يعود على الفيء ، و { دُولَةً } خبرها ، وعلى هذه القراءة يكون بالتحتية لا غير ، وقرئ أيضاً برفع { دُولَةً } على أن كان تامة مع التحتية والفوقية من يكون ، فالقراءات ثلاث سبعيات . قوله : { دُولَةً } التداول حصول الشيء في يد هذا تارة وهذا أخرى ، والاسم الدولة بفتح الدال وضمها ، وجمع المفتوح دول كقصعة وقصع ، وجمع المضموم دول مثل غرفة وغرف ، ومعناهما واحد ، وقيل : الدولة بالضم في المال ، وبالفتح في الحرب . قوله : { وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ } الخ ، أي ما أعطاكم من مال الغنيمة ، وما نهاكم عنه من الأخذ والقول فانتهوا ، وقيل في تفسيرها : من آتاكم من طاعتي فافعلوه ، وما نهاكم عنه من معصيتي فاجتنبوه ، فالآية محمولة على العموم في جميع أوامره ونواهيه ، لأنه لا يأمر إلا بالإصلاح ، ولا ينهى إلا عن فساد ، فنتج من هذه الآية ، أن كل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أمر من الله ، وأن كل ما نهى عنه النبي نهى من الله ، فقد جمعت أمور الدين كما هو معلوم . قوله : ( متعلق بمحذوف ) الخ ، أي القصد منه التعجب والمدح للمهاجرين الذين اتصفوا بتلك الصفات . قوله : ( أي اعجبوا ) أي تعجبوا من حال المهاجرين ، حيث تنزهوا عن الديار والأموال ، وتركوا ذلك ابتغاء وجه الله تعالى . قوله : { الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ } أي أخرجهم كفار مكة . قوله : { وَأَمْوَالِهِمْ } عطف على { دِيَارِهِمْ } وعبره فيه بالخروج ، لأن المال لما كان يستر صاحبه كان كأنه ظرف له . قوله : { يَبْتَغُونَ فَضْلاً } الخ ، الجملة حالية ، والمعنى : طالبين الرزق من الله ، لإعراضهم عن أملاكهم الدنيوية ، ومرضاة الله تعالى في الآخرة . قوله : { وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } عطف على قوله : { يَبْتَغُونَ } فهو حال أيضاً لكنها مقدرة ، أي ناوين النصرة ، إذ وقت خروجهم لم تكن نصرة بالفعل . قوله : { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } أي الخالصون في إيمانهم ، حث اختاروا الإسلام . وخرجوا عن الديار والأموال والعشائر ، حتى روي : أن الرجل كان يعصب الحجر على بطنه ، ليقيم به صلبه من الجوع ، وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ، ما له دثار غيرها ، وفي الحديث : " إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفاً " .