Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 130-130)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ } هذا زيادة في التوبيخ عليهم ، لأن الله سبحانه وتعالى أولاً وبخ الفريقين بتوجيه الخطاب للجن ، وثانياً خاطبهم جميعاً ووبخهم . قوله : ( أي من مجموعكم ) دفع بذلك ما يقال إن ظاهر الآية يقتضي أن من الجن رسلاً ، مع أن الرسالة مختصة بالإنس ، فليس من الجن بل ولا من الملائكة رسل ، فأجاب : بأن المراد من مجموعكم الصادق بالإنس ، ونظير ذلك قوله تعالى : { يَخْرُجُ مِنْهُمَا ٱلُّلؤْلُؤُ وَٱلمَرْجَانُ } [ الرحمن : 22 ] أي من أحدهما وهو الملح ، وقوله تعالى : { وَجَعَلَ ٱلْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً } [ نوح : 16 ] أي في إحداهن وهي سماء الدنيا . قوله : ( أو رسل الجن نذرهم ) أشار بذلك إلى جواب آخر ، وهو تسليم أن هناك رسلاً من الجن ، لكنهم رسل الرسل الذين يسمعون من النبي المواعظ والأحكام ، ويبلغون قومهم ذلك ، قال تعالى : { وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤاْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } [ الأحقاف : 29 ] الآية ، وقال تعالى : { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ } [ الجن : 1 - 2 ] الآيات ، فيكون المعنى على ذلك : ألم يأتكم رسل منكم ، أي من الإنس يبلغونكم عن الله ، ومن الجن يبلغونكم عن الرسل ؟ والمراد جنس الرسل الصادق بالواحد ، وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأنه لم يرسل لهم غيره ، وأما حكم سليمان فيهم ، فحكم سلطنة وملك لا حكم رسالة ، وأما قوله تعالى حكاية عن الجن : { يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ } [ الأحقاف : 30 ] فلا يلزم من عملهم بموسى وسماعهم لكتابه ، أن يكونوا مكلفين به . قوله : { يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي } القص معناه الحديث ، أي يحدثونكم بآياتي على وجه البيان . قوله : { وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا } أي يخوفونكم يوم القيامة ، والمعنى يحذرونكم من مخالفة الله توجب الخوف يوم القيامة . قوله : ( أن قد بلغنا ) يصح بناؤه للفاعل والمفعول . قوله : { وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } عطف سبب على مسبب ، أو علة أو معلول . قوله : { وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ } كرر شهادتهم على أنفسهم لاختلاف المشهود به ، فأولاً شهدوا بتبليغ الرسل لهم ، وثانياً شهدوا بكفرهم زيادة في التقبيح عليهم ، والمقصود من ذكر ذلك الاتعاظ به ، والتحذير من فعل مثل ذلك . إن قلت : إن شهادتهم بكفرهم تدل على أنهم أقروا به ، وهو مناف لقوله تعالى : { وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] أجيب : بأن مواقف القيامة مختلفة فأولاً حين يرون المؤمنين توزن أعمالهم ، ويمشون على الصراط لدخول الجنة ، ينكرون الاشراك ، طمعاً في دخولهم في زمرة المؤمنين ، فحينئذ يختم على أفواههم ، وتنطق أعضاؤهم قهراً عليهم وتقر بالكفر .