Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 2-2)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ } هذا من جملة الأدلة على كونه مستحقاً للحمد ، كأنه قيل الوصف بالجميل لله لا لغيره ، لأنه خلق السماوات والأرض والظلمات والنور ، ولأنه خلقكم الخ . قوله : { مِّن طِينٍ } من لابتداء الغاية ، أي مبتدئاً نشأتكم من الطين . قوله : ( بخلق أبيكم آدم منه ) دفع بذلك ما يقال إنهم مخلوقون من النطفة لا من الطين ، فأجاب بأن الكلام على حذف مضاف ، وذلك الطين الذي خلق منه آدم فيه من كل لون ، وعجن بكل ماء ، فخلق الله أولاده مختلفة الألوان والأخلاق ، فاختلاف الألوان من اختلاف ألوان طينة أبيهم ، واختلاف الأخلاق أصلها من آدم ، فنسبة الطين لأولاده باعتبار نشأتها منه وسريانها فيهم ، وقيل لا حذف في الآية بل كل إنسان مخلوق من الطين ، لأنه ورد ما من مولود إلا ويذر على نطفته شيء من تراب تربته ، فالنطفة عجبت بذلك التراب ، فصدق كل إنسان أنه مخلوق من الطين ، وقيل إنه من الطين باعتبار أن النطفة ناشئة عن الغذاء ، وهو ناشئ عن الطين . قوله : { ثُمَّ قَضَىۤ } يصح أن يكون بمعنى أظهر ، فثم للترتيب الزماني ، أي فبعد تمام خلقه يظهر أجله للملك الموكل بالرحم ، أو بمعنى قدر فثم للترتيب الذكري ، لأن للتقدير هو الإرادة المتعلقة بالأجل أزلاً فهي متقدمة على وجوده فالترتيب في الذكر فقط ، واعلم أن كل إنسان له أجلان ، أجل ينقضي بموته ، وأجل ينقضي ببعثه ، فابتداء أجل الموت من حين وجوده ، وابتداء أجل البعث من حين موته ، ومجموع الأجلين محتم لا يزيد ولا ينقص ، وما ورد من زيادة العمر للبار الواصل للرحم ، ونقصه للعاصي القاطع للرحم ، قيل محمول على البركة وعدمها ، وقيل بتداخل أحدهما في الآخرة ، فالطائع يزداد له في أجل الدنيا وينقص من أجل البرزخ ، وبالعكس للعاصي ، وبه فسر قوله تعالى { وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ } [ فاطر : 11 ] ويؤيد ذلك ما حكى أن داود عليه السلام كان له صديق قد دنا من أجله ، فأخبره جبريل بأنه لم يبق من أجله إلا خمسون يوماً ، فأخبر داود صديقه بذلك ، فتأهب حتى إذا جاء اليوم المتمم للخمسين ، أخذ غذاءه وذهب لداود ليودعه ، فمر بفقير فأعطاه غذاءه ، فنزل جبريل على داود وأخبره بأن الله زاد في عمره خمسين سنة بسبب صدقته في ذلك اليوم ، فلما ذهب إليه وجده مسروراً فأخبره بذلك . قوله : { وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ } أجل مبتدأ ومسمى صفته وعنده خبره ، وأضيف له سبحانه لأنه لا يعلم انتهاءه أحد غيره ، وأما أجل الدنيا فهو في علم الملك ، وبانقضائه يظهر للمخلوقات أيضاً . قوله : ( لبعثكم ) أي ينتهي إليه ، وراء ذلك لا نهاية له . قوله : { ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ } أي ثم بعد ظهور تلك الآيات العظيمة ، تشكون في البعث وتنكرونه ، وأفاد المفسر أن هذه الآية رد لما أنكروه من البعث ، وما قبلها رد للشرك الواقع من الكفار . قوله : ( فهو على الإعادة أقدر ) هذا بحسب العادة الجارية بأن القادر على الابتداء قادر على الإعادة بالأولى ، وإلا فالكل في قبضة قدرته سواء لا مزية للإعادة على الابتداء ، لأنه إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون .