Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 35-36)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ } سبب نزولها : أن الحرث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من قريش ، فقالوا يا محمد ائتنا بآية من عند الله كما كانت الأنبياء تفعل فإنا نصدقك ، فأبى الله أن يأتيهم بآية مما اقترحوا فأعرضوا عنه ، فشق ذلك عليه لما أنه شديد الحرص على إيمان قومه ، فكان إذا سألوه آية يود أن ينزلها الله طمعاً في إيمانهم فنزلت . وإن حرف شرط ، وكان فعل ماض من الشرط ، واسمها ضمير الشأن ، وكبر فعل ماض ، وإعراضهم فاعله ، والجملة خبر كان ، والأقرب إن إعراضهم اسم كان مؤخراً ، وجملة خبرها مقدم ، وفاعل كبر ضمير يعود على إعراضهم ، وهو وإن كان مؤخراً لفظاً إلا أنه مقدم رتبة . قوله : { فَإِن ٱسْتَطَعْتَ } هذه الجملة شرطية ، وجوابها محذوف تقديره فافعل ، والشرط وجوابه جواب الشرط الأول ، والمعنى إن عظم عليك إعراضهم ، ولم تكتف بالمعجزات التي ظهرت على يديك فإن استطعت أن تأتيهم بآية فافعل . قوله : ( سرياً ) بفتحات شق في الأرض ، والنفق السرب النافذ في الأرض ، ومنه النافقاء والقاصعاء والرامياء ، ثم يدقق بالحفر ما يقارب وجه الأرض ، فإذا نابه أمر ، دفع تلك القشرة الدقيقة وخرج . والمعنى إن شئت أن تتحيل على إتيان آية لقومك على طبق ما اقترحوا فافعل ، وهذا عتاب لرسول الله على التعلق بإيمانهم ، وترق له إلى المقام الأكمل الذي هو التسليم له . قوله : { فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ } أي من تحت الأرض أو من فوق السماء . قوله : ( هدايتهم ) أي جمعهم على الهدى . قوله : ( ولكن لم يشأ ذلك ) هذا استثناء نقيض المقدم ، فينتج نقيض التالي إن كان بينهما تساوٍ كما هنا ، نظير لو كانت الشمس طالعة كان النهار موجوداً ، وقد أشار لمعنى النتيجة بقوله فلم يؤمنوا ، وإلا فالنتيجة فلم يجمعهم على الهدى . قوله : { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ } أي الذين لا تسليم لهم ، فلا تتعب نفسك في طلب ما اقترحوه فإنهم لا يؤمنون . قوله : { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ } هذا من جملة التسلية لرسول الله ، والمعنى لا تحزن على عدم إيمانهم ، فإنما يستجيب لك ويمتثل أمرك ، ويقبل المواعظ الذين يسمعون سماع قبول ، والذين لا يسمعون يبعثهم الله فيجازيهم على ما صدر منهم ، فللنار أهل ، وللجنة أهل ، فمن خلق الله فيه الهدى انتفع بالمواعظ وآمن ، ومن خلق فيه الضلال فلا تزيده المواعظ والآيات إلا ضلالاً ، وهذه الآية في الحقيقة استدراك على قوله : { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } . فالمعنى لم يشأ جمعهم على الهدى . بل قسم الخلق قسمين : قسم للجنة ، وقسم للنار . قوله : ( دعاءك إلى الإيمان ) هذا هو مفعول يستجيب ، والسيت والتاء لتأكيد الإجابة ، والمراد بالذين يسمعون من سبقت لهم السعادة في الأزل ، فما يظهر منهم من الإيمان هو على طبق ما سبق . قوله : ( أي الكفار ) أشار بذلك إلى أن قوله { وَٱلْمَوْتَىٰ } مقابل قوله { ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ } . قوله : { يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ } أي يحييهم ، وقوله ( في الآخرة ) إشارة للحشر ، أن المراد بالبعث الإحياء بعد الموت ، وهذا هو الأقرب ، وقيل معنى يبعثهم يحيي قلوبهم بالإيمان ، فهو بشارة لرسول الله بأن أعداءه يؤمنون ، ولكن يرده الحصر المتقدم ، وأيضاً من آمن فهو داخل في قوله الذين يسمعون . قوله : ( بأعمالهم ) الباء إما سببية أو بمعنى على ، والمراد بالأعمال الكفر والمعاصي ، وقوله : { ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } أي يوقفون للحساب والجزاء , وأما البعث فهو الإحياء بعد الموت فتغايرا .