Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 38-39)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَمَا مِن دَآبَّةٍ } كلام مستأنف مسوق لبيان كمال قدرته تعالى وسعة علمه وتدبيره . قوله : ( تمشي ) قدره خاصاً لدلالة مقابلة وهو قوله يطير عليه ، قال العلماء : جميع ما خلقه الله عز وجل لا يخرج عن المشي والطيران ، وألحقوا حيوان البحر بالطير لأنه يسبح في الماء ، كما أن الطير يسبح في الهواء . قوله : { فِي ٱلأَرْضِ } خصها بالذكر لأن المشاهد أقطع لحجة الخصم ، وإلا فسكان السماء كذلك . قوله : { بِجَنَاحَيْهِ } صفة كاشفة ، نظير قوله : نظرت بعيني وسمعت بأذني . قوله : { إِلاَّ أُمَمٌ } أي طوائف وجماعات أمثالكم ، أي كل نوع على صفة وطريقة وشكل كما أنكم كذلك ، فمن الدواب العزيز والذليل والمرزوق بسهولة وبتعب والقوي والضعيف والكبير والصغير والمتحيل في الرزق وغير المتحيل كبني آدم . قوله : ( في تدبير خلقها ) أي وتصريفه فيها في كل لحظة ، بجلب المنافع لها ، ودفع المضار عنها ، ولفظه بها ، فلا يشغله شأن عن شأن ، قال تعالى : { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } [ لقمان : 28 ] . قوله : ( وأحوالها ) أي من إحيائها وإماتتها وإعزازها وإذلالها ونحو ذلك ، وكذلك تعرف ربها وتوحده ، كما أنتم تعرفونه وتوحدونه ، ولم يوجد كافر إلا من الجن والآدميين ، وإلا فجميع المخلوقات عقلاء ، وغيرهم مجبولون على التوحيد ، قال تعالى : { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } [ الإسراء : 44 ] وإنما كفر من كفر من الجن والإنس عناداً . قوله : ( اللوح المحفوظ ) أي من الشيطان ، ومن التغيير والتبديل ، وهو من درة بيضاء فوق السماء السابعة ، طوله ما بين السماء والأرض ، وعرضه ما بين المشرق والمغرب ، فحيث أريد بالكتاب اللوح المحفوظ ، فالعموم ظاهر ، فإنه فيه تبيان كل شيء ما كان وما يكون وما هو كائن ، وقيل المراد بالكتاب القرآن ، وعليه فالمراد بقوله : { مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ } أي ويحتاج إليه الخلق في أمورهم . قوله : { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } أي يجمعون ، وهذا بيان لأحوالهم في الآخرة إثر بيان أحوالهم في الدنيا . قوله : ( فيقضي بينهم ) أي الأمم عقلاء أو غيرهم . قوله : ( للجماء ) أي وهو معدومة القرون ، وهذا كله لإظهار العدل ، فحيث لم يترك غير العقلاء فكيف بالعقلاء ، فلا بد من الحشر والحساب والجزاء ، إما بالعدل ، وإما بالفضل . قوله : { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } أي أعرضوا عنها ولم يؤمنوا بها . قوله : { فِي ٱلظُّلُمَاتِ } هو معنى قوله في الآية الأخرى ، عمي فهم صم القلوب عميها بكمها ، فلا يتأتى منهم انتفاع ولا اعتبار ، ولا يصل إليهم نور أبداً . وقوله : ( الكفر ) أي فهو ظلمات معنوية ، فمثل الكافر كمثل رجل أعمى أصم أبكم في ظلمات فلا يهتدي إلى مقصوده ، كما أن الكافر كذلك . قوله : { مَن يَشَإِ ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ } هذا دليل لما قبله ، ومفعول يشأ في كل محذوف قدره المفسر بقوله إضلاله وبقوله هدايته ، والمعنى أن الإضلال والاهتداء بتقدير الله ، فمن أراد الله هدايته ، سهل له أسبابها ، وجعله منهمكاً في طاعته ، وإن وقعت منه معصية وفق للتوبة منها ، ومن أراد الله إضلاله ، حجبه عن نوره ، وتعسرت عليه أسباب الطاعة ، حتى لو وقعت منه طاعة ، تكون معلولة غير مقبولة ، وما في هذه الآية هو معنى قوله تعالى في الآية الأخرى { فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَٰمِ } [ الأنعام : 125 ] الآية .