Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 99-101)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } لما امتن سبحانه وتعالى على عباده أولاً : بالإيجاد حيث قال { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ } الأنعام : 98 ] امتن ثانياً بإنزال الماء الذي به حياة كل شيء ونفعه ، وهو الرزق المشار إليه بقوله تعالى { وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ } [ الذاريات : 22 ] . قوله : ( فيه التفات ) أي ونكتته الاعتناء بشأن ذلك المخرج ، إشارة إلى أن نعمه عظيمة . قوله : { بِهِ } الباء للسببية . قوله : { فَأَخْرَجْنَا } بيان لما أجمل أولاً . قوله : { خَضِراً } يقال خضر الشيء فهو خضر وأخضر ، كعور فهو عور وأعور ، وقدر المفسر ( شيئاً ) إشارة إلى أن خضراً صفة لموصوف محذوف . قوله : { وَمِنَ ٱلنَّخْلِ } شروع في تفصيل حال الشجر ، بعد ذكر عموم النبات ، لمزيد الرغبة فيه . قوله : ( ويبدل منه ) أي بدل بعض من كل . قوله : ( أول ما يخرج منها ) أي قبل انفلاق الكيزان عنه ، فإذا انفلقت عنه سمي عذقاً . قوله : { قِنْوَانٌ } جمع قنو كصنو وصنوان ، وهذا الجمع يلتبس بالمثنى دون حالة الوقت ، ويتميز المثنى بكسر نونه ، والجمع بتوارد حركات الإعراب عليه وبالإضافة ، فتحذف نون المثنى دون الجمع ، فنقول هذا قنواك ، وفي الجمع هذه قنوانك ، وبالنسب فإذا نسبت إلى المثنى رددته إلى المفرد فقلت قنوي ، وإذا نسبت إلى الجمع أبقيته على حاله فقلت قنواني . قوله : ( عراجين ) جمع عرجون قيل هي الشماريخ ، وقيل هي السائط ، ولا شك أن الشماريخ قريب بعضها من بعض ، والسبائط كذلك ، واعلم أن أطوار النخل سبع كالإنسان ، يجمعها قولك طاب زبرت ، فأولها الطلع ، ثم الاغريض ، ثم البلح ، ثم الزهو ، ثم البسر ، ثم الرطب ، ثم التمر ، وفي الحديث " أكرموا عمتكم النخلة " وهذه الأمور قدم على ما بعده . قوله : { وَجَنَّٰتٍ } معطوف على نبات ، من عطف الخاص على العام ، والنكتة مزيد الشرف لكونها من أعظم النعم ، وكذا قوله : { وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ } معطوفان على النبات . ويكون قوله : { وَمِنَ ٱلنَّخْلِ } الخ معترضاً بين المعطوف والمعطوف عليه اعتناء بشأن النحل لعظم منته ، ويصح عطف جنات على خضر ، وهذا على قراءة الجمهور ، وقرى شذوذاً برفع جنات والزيتون والرمان ، وخرج على أنه مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره ومن الكرم جنات . قوله : { مُشْتَبِهاً } يقال مشتبه ومتشابه بمعنى . قوله : ( نظر اعتبار ) أي تفكروا في مصنوعاته لتعلموا أن ربكم هو القادر المريد لما يشاء ، فتفردوه بالعبادة ولا تشركوا به شيئاً . قوله : ( وهو جمع ثمرة ) أي المفتوح والمضموم ، وقوله : ( كشجرة وشجر ) راجع للمفتوح ، وقوله : ( وخشبة وخشب ) راجع للمضموم ، فهو لف ونشر مرتب . قوله : { وَيَنْعِهِ } مصدر ينع بكسر النون يينع بفتحها كتعب ويتعب ويصح العكس ، وقرئ بضم الياء ، والمعنى تفكروا وتأملوا ابتداء الثمر ، حيث يكون بعضه مراً وبعضه ملحاً لا ينتفع بشيء منه ، وانتهاؤه إذا نضج فإنه يعود حلواً تسقى بماء واحد ، ونفضل بعضها على بعض في الأكل . قوله : { إِنَّ فِي ذٰلِكُمْ } الإشارة إلى جميع ما تقدم من قوله { إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ وَٱلنَّوَىٰ } [ الأنعام : 95 ] إلى هنا . قوله : ( لأنهم المنتفعون بها ) أشار بذلك إلى أن ظهور الأدلة لا تفيد ولا تنفع ، إلا إذا كان العبد مؤمناً ، وأما من سبق له الكفر ، فلا تنفعه الآيات ولا يهتدي بها . قوله : { وَجَعَلُواْ } الضمير لعبدة الأصنام ، وهذا إشارة إلى أنهم قابلوا نعم الله العظيمة بالإشراك . قوله : ( مفعول ثان ) هذه طريقة في الإعراب ، وهناك طريقة أخرى وهي أن { للَّهِ } متعلق بمحذوف حال ، والجن مفعول أول مؤخر ، و ( شركاه ) مفعول ثان مقدم . قوله : { ٱلْجِنَّ } قيل المراد بهم الشياطين ، وإلى هذا يشير المفسر بقوله : ( حيث أطاعوهم الخ ) . وقيل المراد بهم نوع من الملائكة كانوا يعبدونهم ، لاعتقادهم أنهن بنات الله . قوله : { وَخَلَقَهُمْ } الضمير يصح أن يكون عائداً على الجن ، وعليها المفسر ، ويصح أن يعود على الجميع ، والجملة حال من الجن ، ولذا قدر المفسر ( قد ) . قوله : { وَخَرَقُواْ } الضمير عائد على اليهود والنصارى ومشركي العرب ، فاليهود والنصارى نسبوا له البنين ، ومشركو العرب نسبوا له البنات ، فالكلام على التوزيع . قوله : ( اختلفوا ) يقال اختلق وخلق وخرق وافترى وافتعل وخرص بمعنى كذب ، وقرئ شذوذاً بالحاء المهملة والفاء من التحريف وهو التزوير لأن المحرف مزور مغير للحق بالباطل . قوله : ( حيث قالوا عزير ابن الله ) كان عليه أن يقول والمسيح ابن الله ليكون قد جمع مقالة الفرق الثلاثة ، فاليهود قالوا عزير ابن الله ، والنصارى قالوا المسيح ابن الله ، والمشركون قالوا الملائكة بنات الله . قوله : { بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } خبر لمحذوف قدره المفسر بقوله هو . قوله : { أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ } أنى منصوبة على التشبيه بالحال ، وله خبر يكون مقدم وولد اسمها مؤخر ، ويصح أن تكون تامة وولد فاعلها ، والمعنى : كيف يوجد له ولد ، والحال أنه لم تكن له صاحبة ، مع كونه الخالق لكل شيء . قوله : ( من شأنه أن يخلق ) دفع بذلك ما يقال إن من جملة الشيء ذاته وصفاته ، فيقتضي أنها مخلوقة مع أن ذلك مستحيل . فأجاب المفسر : بأن ذلك عام مخصوص بما من شأنه أن يخلق ، وهو ما عدا ذاته وصفاته .