Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 64, Ayat: 14-16)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ } الخ ، أي بعضهم ، والمراد بالأزواج ما يشمل الذكور ، فكما أن الرجل تكون زوجته عدواً له ، كذلك المرأة يكون زوجها عدواً لها . قوله : { عَدُوّاً لَّكُمْ } أي يشغلكم عن طاعة الله . قوله : ( أن تطيعوهم ) أشار بذلك إلى تقدير مضاف ، أي فاحذروا طاعتهم قوله : ( فإن سبب نزول الآية ) الخ ، علة لقوله : ( كالجهاد والهجرة ) أي فسبب نزول الآية ، أن رجالاً أسلموا من أهل مكة ، وأرادوا أن يهاجروا إلى النبي ، فمنعهم أزواجهم وأولادهم وقالوا : صبرنا على إسلامكم ، فلا صبر لنا على فراقكم ، فأطاعوهم وتركوا الهجرة ، وقيل نزلت في عوف بن مالك الأشجعي ، كان ذا أهل وولد ، فأراد أن يغزو ، فبكوا اليه ووقفوه وقالوا له : إلى من تدعنا ؟ فرق عليهم وأقام عن الغزو ، وهذامعنى قول المفسر ، كالجهاد والهجرة ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فيدخل في ذلك جميع أنواع الطاعات ، فلا يطبع الأزواج ولا الأولاد في التكاسل عن أي طاعة كانت ، بل حقوق الله مقدمة على كل حق . قوله : { وَإِن تَعْفُواْ } الخ ، أي تتركوا عقابهم بترك الإنفاق عليهم ، وذلك أنه من تخلف عن الهجرة والجهاد ، بسبب منع أهله وأولاده قد تنبه بعد ذلك ، فرأى غيره من الصحابة قد سبقه للخير ، فندم وعزم على عقاب أهله وأولاده بترك الإنفاق عليهم ، فأنزل { وَإِن تَعْفُواْ } الخ . قوله : ( في تثبيطهم ) أي شغلهم إياكم وتكسيلهم لكم . قوله : { إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } أي ابتلاء واختبار من الله لكم ، وهو أعلم بما في نفوسكم منكم ، لكن ليظهر في عالم الشهادة من يشغله ذلك عن الحق ، فيكون عليه نقمة ممن لا يشغله ، فيكون عليه نعمة ، وقدم المال لأن فتنته أشد ، ويكفي في فتنته قصة ثعلبة بن حاطب النازل فيه قوله تعالى : { وَمِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ ٱللَّهَ } [ التوبة : 75 ] الآية ، قال الحسن : أدخل { مِنْ } التي للتبعيض في قوله : { إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ } الخ ، لأنهم كلهم ليسوا بأعداء بل البعض منهم ، ولم يدخلها في قوله : { إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ } الخ لأنهما لا يخلون من الفتنة واشتغال القلب بهما ، فمن رجع إلى الله تعالى ، ولم يلتفت إلى ما له وولده وجاهد نفسه فقد فاز ، ومن تتبع الشغل بالمال والولد وافتتن بهما فقد هلك . قوله : { أَجْرٌ عَظِيمٌ } وهو الجنة . قوله : ( ناسخة لقوله اتقوا الله حق تقاته ) أي ومعناها : أن يطاع فلا يعصى ، وأن يذكر فلا ينسى ، وأن يشكر فلا يكفر ، ولذلك لما نزلت الآية قالت الصحابة : ومن يعرف قدر الله فيتقيه حق تقاته ، وضايق بعضهم نفسه في العبادة ، حتى تورمت قدماه من طول القيام ، فخفف الله عنهم فنزلت { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } وما قاله المفسر أحد قولين ، وقيل إنها ليست ناسخة بل مبنية لها ، فآية { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } [ آل عمران : 102 ] مجملة ، وآية { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } مفصلة لها ، غير أن الاستطاعة مختلفة باختلاف الأشخاص ، فكل يبذل وسعه وطاقته في طاعة ربه ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، فليست الاستطاعة في الناس سواء ، وبالجملة فالتكليف بهذه الآية لا بآية { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } [ آل عمران : 102 ] سواء قلنا إنها منسوخة أو محكمة . قوله : ( خبر يكن ) أو مفعول لفعل محذوف تقديره يؤتكم خيراً وهو الأولى ، لأن حذف كان واسمها مع بقاء الخبر ، إنما يكثر بعد أن ولو . قوله : ( جواب الأمر ) أي وهو قوله : { وَأَنْفِقُواْ } . قوله : { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ } الشح كراهة فعل الخير والمعروف ، وينشأ عن البخل وهو الإمساك .