Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 66, Ayat: 5-5)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ } الخ ، سبب نزولها : " أنه صلى الله عليه وسلم لما اشاعت حفصة ما أسرها به ، اغتم صلى الله عليه وسلم وحلف أن لا يدخل عليهن شهراً مؤاخذة عليهن ، ومكث الشهر في بيت مارية ، فلما مضت تسع وعشرون ليلة ، بدأ بعائشة فدخل عليها فقالت له : إنك أقسمت على شهر ، وإن دخلت في تسع وعشرين ليلة ، فقال لها : هذا الشهر تسع وعشرون ليلة ، ولما بلغ عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتزل نساءه ، وشاع عند الناس أنه طلقهن ، أتاه فوجده في مشربة ، قال عمر : فدخلت على حفصة وهي تبكي ، فقلت : أطلقكن رسول الله ؟ قالت : لا أدري ها هو ذا معتزل في هذه المشربة ، فاستأذنت عليه فأذن لي ، فدخلت فسلمت عليه ، فإذا هو متكئ على رمال حصير قد آثر في جنبه ، فقلت : يا رسول أطلقت نساءك ؟ فرفع رأسه إلي قوال : لا ، فقلت : الله أكبر ، لو رأيتنا يا رسول الله ، وكنا معشر قريش نغلب النساء ، فلما قدمنا المدينة ، وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم ، فطفق نساؤها يتعلمن من نسائهم ، فما زال يلاطفه بالكلام حتى تبسم ، وقال له : يا رسول الله ، لا يشق عليك من أمر النساء ، فإن كنت طلقتهن ، فإن الله معك ، وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك ، قال عمر : وقلما تكلمت بكلام ، إلا رجوت الله بصدق قولي الذي أقوله ، فنزلت هذه الآية وآية { وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ } " الخ ، فاستأذن عمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبر الناس أنه لم يطلق نساءه ، فأذن له ، فقام على باب المسجد ونادى بأعلى صوته : لم يطلق رسول الله نساءه ، قالت عائشة : ثم بعد هذه القضية نزلت آية التخيير ، فبدأ بي فاخترته ، ثم خيرهن فاخترنه ، وآية التخيير هي قوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } [ الأحزاب : 28 ] إلى قوله { عَظِيماً } [ الأحزاب : 29 ] . قوله : { إِن طَلَّقَكُنَّ } أي جميعاً ، فلا ينافي أنه وقع منه طلاق لحفصة طلقة واحدة وأمر بمراجعتها ، فطلاقه لها كالعدم ، فالتعليق إنما هو على تطليق الجميع ، مع عدم المراجعة والتبديل للكل ، لكونه مرتباً على تطليق الكل . قوله : ( بالتشديد والتخفيف ) أي فهما قراءتات سبعيتان . قوله : { خَيْراً مِّنكُنَّ } أي بأن يطردكن ويأتي له بنساء أخر خيراً منكن ، إذ قدرة الله صالحة لرفع اقوام ووضع آخرين ، فلا يقال كيف تكون المبدلات خيراً منهن ، مع أنه لم يكن على وجه الأرض نساء خير منهن ، لأننا نقول قدرة الله صالحة لذلك إن حصل المعلق عليه وهو لم يحصل . قوله : ( خبر عسى ) أي جملة { أَن يُبْدِلَهُ } . قوله : ( والجملة جواب الشرط ) أي جملة عسى واسمها وخبرها . إن قلت : إن هذه الجملة فعلها جامد ، والجملة إذا كانت كذلك ، ووقعت جواب شرط ، وجب اقترانها بالفاء ، فالمناسب أن تجعل دليل جواب محذوف . قوله : ( ولم يقع التبديل ) جواب عما يقال : إن الترجي في كلام الله للتحقيق مع أنه لم يحصل هنا ، فأجاب : بأنه معلق على شرط وهو التطليق للكل ولم يطلقهن ، وأجيب : بأن { عَسَىٰ } هنا للتخويف . قوله : { تَائِبَاتٍ } أي راجعات عن الزلات والهفوات . قوله : { عَابِدَاتٍ } أي خاضعات متذللات . قوله : ( صائمات ) هذا قول ابن عباس ، وسمى الصائم سائحاً ، لأن السائح لا زاد معه ، فلا يزال ممسكاً إلى أن يجد ما يطعمه ، فكذلك الصائم يمسك إلى أن يجيء وقت إفطاره . قوله : ( أو مهاجرات ) هذا قول الحسن . قوله : { ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً } أي بعضهن كذا ، وبعضهن كذا ، ودخلت الواو بين الوصفين لتغايرهما دون سائر الصفات ، والثيب من ثاب يثوب أي رجع ، سميت بذلك لأنها راجعة إلى زوجها إن قام معها ، أو إلى غيره إن فارقها ، أو لأنها رجعت إلى بيت أبويها ، والأبكار جمع بكر وهي العذراء ، وسميت بكراً لأنها على أول حالتها التي خلقت بها ، فمدح الثيبات من حيث إنها أكثر تجربة وعقلاً واسرع حبلاً ، والبكر من حيث إنها اطهو وأطيب وأكثر مداعبة .