Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 11-13)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ } الخ تذكير لنعمة عظيمة على آدم ، سارية إلى ذريته موجبة لشكرها . قوله : ( أي أباكم آدم ) أي حين كان طيباً غير مصور . قوله : ( أي صورناه ) أي حين كان بشراً بتخطيطه وشق حواسه ، وإنما جعل المفسر الكلام على حذف مضاف لأجل أن يصح الترتيب بثم ، وإنما ينسب الخلق والتصوير للخاطبين إعطاء لمقام الامتنان حقه ، وتأكيداً لوجوب الشكر عليهم بالرمز ، إلى أن لهم حظاً من خلق أبيهم وتصويره ، لأنهما من الأمور السارية في الذرية جميعاً . قوله : ( أو أنتم في ظهره ) هكذا في نسخه بأو ، وفي أخرى بالواو ، فعلى الأول يكون جواباً ثانياً . والحاصل أن الناس اختلفوا في { ثُمَّ } في هذين الموضعين ، فمنهم من لم يلتزم فيها ترتيباً ، وجعلها بمنزلة الواو ، وأبقى الآية على ظاهرها ، ومنهم من قال هي للتريث الزماني ، وجعل الكلام على حذف مضاف في الخلق والتصوير . قوله : ( سجود تحية بالانحناء ) أشار بذلك إلى أن المراد السجود اللغوي وهو الانحناء ، كسجود إخوة يوسف وأبويه له ، وقد كان تحية للملوك في الأمم السابقة ، وعليه فلا إشكال ، وقال بعضهم : إن السجود شرعي بوضع الجبهة على الأرض لله وآدم قبله كالكعبة ، ويحتمل أن السجود على ظاهره لآدم ، وقولهم إن السجود لغير الله كفر محله إن كان من هوى النفس لا يأمر الله ، ونظير ذلك تعظيمنا مشاعر الحج فتأمل . قوله : { فَسَجَدُوۤاْ } أي قبل دخول الجنة ، وأول من سجد : جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم عزرائيل ثم الملائكة المقربون ، واختلف في مدة السجود ، فقيل مائة سنة ، وقيل خمسمائة سنة ، وقيل غير ذلك . قوله : ( أبا الجن ) هذا أحد قولين ، والثاني هو أبو الشياطين ، فرقة من الجن لم يؤمن منهم أحد . قوله : ( كان بين الملائكة ) أشار بذلك إلى أن الاستثناء منقطع ، وأنه ليس من الملائكة ، قال في الكشاف : لما اتصف بصفات الملائكة جمع معهم في الآية واحتيج إلى استثنائه ، ويدل على ذلك قوله تعالى : { إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ } [ الكهف : 50 ] وقال بعضهم إنه من الملائكة ، فالاستثناء متصل وقوله تعالى كان من الجن أي في الفعل ، والمعول عليه الأول . قوله : { مَا مَنَعَكَ } ما استفهامية للتوبيخ في محل رفع بالابتداء ، والجملة بعدها خبر ، و { أَنْ } في محل نصب أو جر ، لأنها على حذف حرف الجر و { إِذْ } منصوب بتسجد ، والتقدير أي شيء منعك من السجود حين أمرتك . قوله : ( زائدة ) أي لتأكيد معنى النفي في منعك ، فهو كما في ص بحذفها وهو الأصل ، لأن القرآن يفسر بعضه بعضاً . قوله : { خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ } هذه الجملة لا محل لها من الإعراب ، لأنها كالتفسير والبيات لما قبلها من دعوى الخيرية . فائدة : قال هنا : { مَا مَنَعَكَ } ، وفي سورة الحجر قال : { يٰإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } [ الحجر : 32 ] وفي سورة ص { مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ ص : 75 ] الآية ، اختلاف العبارات عند الحكاية ، دل على أن اللعين قد أدرج في معصية واحدة ثلاثة معاً : مخالفة الأمر ، ومفارقة الجماعة ، والاستكبار مع تحقير آدم ، وشبهة الخيرية أن النار جسم لطيف نوراني ، والطين جسم كثيف ظلماني ، وما كان لطيفاً نورانياً ، خير مما كان كثيفاً ظلمانياً ، ولما كان ما احتج به على ربه باطلاً ، لكون الطين فيه منافع كثيرة وفوائد جمة ، ويتوقف عليه نظام العالم لاحتياجه إليه ، ولما ينشأ عنه من النبات والماء اللذين هما غذاء العالم السفلي ، والنار منافعها قليلة ، ولا يتوقف عليها نظام العالم ، لوجود كثير منه غير محتاج لها ، ولا لما يسوى بها ، رد عليه المولى بأشنع رد ، وأجابه بجواب السائل المتعنت المتكبر بقوله : { فَٱهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا } الآية . قوله : { قَالَ فَٱهْبِطْ مِنْهَا } الفاء لترتيب الأمر على ما ظهر من مخالفة اللعين . قوله : ( أي من الجنة ) أي وعليه فبقي في السماوات خارج الجنة . قوله : ( قيل من السماوات ) أي فلم يبق له استقرار في العالم العلوي أصلاً . قوله : { } أي ولا في غيرها ، ففي الكلام اكتفاء ، لأن الكبر مذموم مطلقاً . قوله : ( الذليلين ) تفسير للصاغرين من الصغار ، وهو بالفتح الذل والضيم .