Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 155-157)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { سَبْعِينَ رَجُلاً } أي من شيوخهم ، روي أنه لم يجد إلا ستين شيخاً ، فأوحى الله إليه أن يختار من الشباب عشرة فاختارهم فأصبحوا شيوخاً ، فأمرهم موسى عليه السلام أن يصوموا ويتطهروا ويطهروا ثيابهم ، ثم خرج بهم إلى الميقات هو طور سينا ، فلما دنا موسى من الجبل ، وقع عليه عامود من الغمام حتى أحاط بالجبل ودخل موسى فيه ، وقال للقوم : ادنوا ، فدنوا حتى دخلوا في الغمام ووقعوا سجداً ، وسمعوا الله وهو يكلم موسى ، يأمره وينهاه ، فلما انكشف الغمام أقبلوا على موسى وقالوا : { لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ } [ البقرة : 55 ] ، وهي المرادة بالرجفة هنا وماتوا يوماً وليلة ، وسبب أخذ الصاعقة لهم سؤالهم الرؤية ، وهذا قول غير ابن عباس ، وقال ابن عباس : إن السبعين الذين سألوا الرؤية ، غير السبعين الذين ذهبوا للشفاعة ، فالأولى : أخذتهم الصاعقة بسبب سؤالهم الرؤية ، والثانية : أخذتهم الرجفة بسبب معاشرتهم لمن عبدوا العجل وسكوتهم عليه ، وإلى هذا القول يشير المفسر بقوله : ( قال وهم غير الذين سألوا الرؤية ) الخ . قوله : ( ولم يزايلوا ) أي لم يفارقوا قومهم . قوله : ( وهم غير الذين سألوا الرؤية ) أي لأنهم لم يكونوا في ذلك الميعاد ، بل كانوا مع موسى حين أخذ التوراة ، فلما سمعوا كلام الله لموسى أقبلوا عليه وقالوا : أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة . قوله : { لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ } مفعول المشيئة محذوف تقديره إهلاكهم . قوله : ( استفهام استعطاف ) أي طلب العفو والرحمة من الله . قوله : ( ابتلاؤك ) أي اختبارك ليتبين المطيع من العاصي . قوله : { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْغَافِرِينَ } اسم التفضيل ليس على بابه أو على بابه باعتبار أن الغفر ينسب لغيره تعالى لكونه سبباً ، وهو الغافر الحقيقي . قوله : { وَٱكْتُبْ } أي حقق وأثبت ، وهذا من جملة دعاء موسى ، فأوله : { أَنتَ وَلِيُّنَا } وآخره : { إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ } ، وحينئذ فلا ينبغي جعل قوله : { وَٱكْتُبْ لَنَا } أول الربع . قوله : { هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً } أي ما تحمد عاقبته ، كالعافية والإيمان والمعرفة ، وقوله : { وَفِي ٱلآخِرَةِ } ( حسنة ) أي وهي الجنة ، وما احتوت عليه من اللقاء والمشاهدة . قوله : { إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ } استئناف مسوق لتعليل الدعاء ، أي لأننا { هُدْنَـآ إِلَيْكَ } أي رجعنا ، من هاد يهود ، إذا رجع ، ولذلك سميت اليهود بذلك ، وكان اسم مدح قبل نسخ شريعتهم ، وبعد ذلك صار ذماً . قوله : { قَالَ عَذَابِيۤ } جواب من الله لموسى . قوله : { أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ } أي في الدنياـ كقتل الذين عبدوا العجل أنفسهم ، وفي الآخرة بالنار لمن كفر . قوله : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } ورد أنه لما نزلت هذه الآية ، فرح إبليس وقال : قد دخلت في رحمة الله ، فلما نزل { فَسَأَكْتُبُهَا } الخ أيس من ذلك ، وفرحت اليهود وقالوا : نحن من المتقين الذين يؤتون الزكاة المؤمنين ، فأخرجهم الله منها وأثبتها لهذه الأمة بقوله : { ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ } الخ . قوله : ( وفي الدنيا ) أي فما من مسلم ولا كافر ولا مطيع ولا عاص إلا وهو متقلب في الرحمة . قوله : { فَسَأَكْتُبُهَا } أي أثبتها . قوله : { لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } أي يمتثلون الأوامر ويجتنبون النواهي . قوله : { وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـاةَ } خصها بالذكر لمشتقها على النفوس ، من حيث إن المال محبوب . قوله : { ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ } أي بالإيمان به بعد بعثته ، والعمل بشريعته ، وورد أن الله قال لموسى : أجعل لك الأرض مسجداً وطهوراً تصلون حيث أدركتكم الصلاة ، وأجعلكم تقرؤون التوراة عن ظهر قلب ، يحفظها الرجل والمرأة ، والحر والعبد ، والصغير والكبير ، فقال موسى ذلك لقومه فقالوا : لا نريد أن نصلي إلا في الكنائس ، ولا نستطيع أن نقرأ التوراة عن ظهر قلب ، ولا نقرؤها إلا نظراً ، قال : { فَسَأَكْتُبُهَا } إلى قوله : { هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } فجعل هذه الأمور لهذه الأمة . قوله : { ٱلأُمِّيَّ } أي الذي لا يقرأ ولا يكتب ، نسب إما للأم لأنه باق على حالته التي ولد عليها ، أو لأم القرى وهي مكة لكونه ولد بها . قوله : ( باسمه وصفته ) أي من كونه محمداً ولد بمكة ، وهاجر إلى المدينة ، يقبل الهدية ، ويرد الصدقة ، وهكذا من أوصافه وأخلاقه العظيمة ، قال الخميس في تاريخه : إن محمداً مذكور في التوراة باللغة السريانية بلفظ المنحمنا ، بضم الميم وسكون النون وفتح الحاء وكسر الميم الثانية وبعدها نون مشددة بعدها ألف ، ومعناه محمد ، وذكر الحسن عن كعب الأحبار ، أن اسم النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل الجنة عبد الكريم ، وعند أهل النار عبد الجبار ، وعند أهل العرش عبد المجيد ، وعند سائر الملائكة عبد الحميد ، وعند الأنبياء عبد الوهاب ، وعند الشياطين عبد القاهر ، وعند الجن عبد الرحيم ، وفي الجبال عبد الخالق ، وفي البر عبد القادر ، وفي البحر عب المهيمن ، وعند الهوام عبد الغياث ، وعند الوحوش عبد الرزاق ، وفي التوراة موذموذ ، وفي الإنجيل طاب طاب ، وفي الصحف عاقب ، وفي الزبر فاروق ، وعند الله طه ومحمد صلى الله عليه وسلم ا هـ بحروفه قوله : { يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ } الخ هذا وما بعده إلى { ٱلْمُفْلِحُونَ } من جملة أوصافه المكتوبة في التوراة والإنجيل . قوله : ( مما حرم في شرعهم ) أي وهي لحوم الإبل وشحم الغنم والمعز والبقر . قوله : ( من الميتة ونحوها ) أي كالدم ولحم الخنزير . قوله : ( كقتل النفس ) أي وتعيين القصاص في القتل ، وتحريم أخذ الدية ، وترك العمل يوم السبت ، وكون صلاتهم لا تجوز إلا في الكنائس ، ونحو ذلك من الأمور الشاقة التي كلفوا بها ، وتسميتها أغلالاً ، لأن التحريم يمنع من الفعل ، كما أن الأغلال تمنع منه . قوله : ( وقروه ) أي عظموه . قوله : { وَنَصَرُوهُ } أي أيدوه . قوله : { ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ مَعَهُ } أي مقارناً لزمانه ومصحوباً به . قوله : ( أي القرآن ) تفسير للنور ، سمي القرآن بذلك ، لأنه ظاهر في نفسه مظهر لغيره ، يهدي من الضلال المعنوي ، كما أن النور يهدي من الضلال الحسي . قوله : { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } أي الموصوفون بهذه الصفات ، فائزون ظافرون بالنجاة من الأهوال ، دنياً وأخرى .