Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 20-21)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ } الوسوسة : الحديث الخفي الذي يلقيه الشيطان في قلب الإنسان على سبيل التكرار . إن قلت : إن الأنبياء معصومون من وسوسة الشيطان ، وظاهر الآية يقتضي أن الشيطان وسوس لآدم . أجيب : بأنه لم يباشر آدم بالوسوسة ، وإنما باشر حواء ، وهي باشرت آدم بذلك ، قال محمد بن قيس : ناداه ربه يا آدم لم أكلت منها وقد نهيتك ؟ قال : أطعمتني حواء ، قال لحواء : لم أطعمتيه ؟ قالت : أمرتني الحية ، قال للحية : لم أمرتيها ؟ قالت : أمرني إبليس ، قال الله : أما أنت يا حواء فلأدمينك كل شهر كما أدميت الشجرة ، وأما أنت يا حية فأقطع رجليك فتمشين على وجهك وليشدخن رأسك كل من لقيك ، وأما أنت يا إبليس فملعون . إن قلت : كيف وسوس لهما وهو خارج الجنة ؟ أجيب : بأن وسوسته وإن كانت خارج الجنة ، إلا أنها وصلت لهما بقوة جعلها الله له على ذلك ، أو أنه تحيل على دخول الجنة بدخوله في جوف الحية ووسوس لهما ، وقوله : { ٱلشَّيْطَانُ } من شاط بمعنى احترق ، أو من شطن بمعنى بعد ، قوله : ( إبليس ) أي من أبلس إبلاساً بمعنى يائس ، لأنه آيس من رحمة الله ، وقد تقدم في البقرة جملة أسمائه فانظرها . قوله : { لِيُبْدِيَ لَهُمَا } هذا من جملة أغراضه في الوسوسة ، فتكون اللام للتعليل ، ويحتمل أنها للعاقبة ، وأن غرضه في الوسوسة خصوص غضب الله عليهما وطردهما من الجنة . قوله : { مَا وُورِيَ عَنْهُمَا } أي غطى وستر عنهما ، واختلف في ذلك اللباس ، فقيل غطاء على الجسد من جنس الأظفار فنزع عنهما وبقيت الاظفار في اليدين والرجلين ، تذكرة وزينة وانتفاعاً ، ولذلك قالوا إن النظر للأظفار في حال الضحك يقطعه ، وقيل كان نوراً ، وقيل كان من ثياب الجنة . قوله : ( فوعل ) أشار بذلك إلى أن الواو الثانية زائدة ، وحينئذ فلا يجب قلب الأولى همزة ، وإنما يجب لو كانت الثانية أصلية . قوله : { مِن سَوْءَاتِهِمَا } عورتهما سميت بذلك لأن كشفها يسيء صاحبها . قوله : { وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا } معطوف على وسوس بيان له . قوله : { أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ } بفتح اللام أي لم ينهكما عن الأكل منها إلا كراهة أن تكونا من الملائكة ، أو تكونا من الخالدين في الجنة فالمعنى الذي أدعاه لهما ، أن الأكل منها سبب لأن يكونا من الملائكة وسبب للخلود فيها . قوله : ( كراهة ) أفاد المفسر أن الاستثناء مفرغ وهو مفعول من أجله ، قدره البصريون : { إِلاَّ } ( كراهة ) { أَن تَكُونَا } الخ ، وقدره الكوفيون أن لا تكونا ، وتقدير البصريين أولى ، لأن إضمار الاسم أحسن من إضمار الحرف . قوله : ( وقرئ بكسر اللام ) أي شذوذاً ، ويؤيده قوله تعالى في موضع آخر { هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } [ طه : 120 ] فالملك بالضم يناسب الملك بالكسر . قوله : ( أي وذلك ) أي أحد الأمرين . وقوله : ( لازم ) أي ناشئ ( عن الأكل منها ) ، وقضية هذه الآية على قراءة الكسر ، عدم اجتماع الأمرين ، وقضية الآية الأخرى وهي { هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } [ طه : 120 ] اجتماعهما ، وأجيب بأن أو بمعنى الواو ، وحكمة ترغيبهما في الملكية ، أن الملائكة خصوا بالقرب من العرش ، ولهم المنزلة عند الله . قوله : { وَقَاسَمَهُمَآ } معطوف على { فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ } وإنما أقسم لهما لأجل تأكيد إضلاله ، فهو أول من حلف كاذباً ، بل هو أول من عصى الله مطلقاً . قوله : ( أي أقسم لهما بالله ) أي وقبلا منه القسم ، فالمفاعلة باعتبار ذلك ، وإلا فالواقع أنها ليست على بابها ، لأن الحالف هو فقط . قوله : ( في ذلك ) أي ما ذكر من كونهما بالملائكة ويكونان من الخالدين .