Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 54-56)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ } أي لا غيره . قوله : { فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } أي وأولها الأحد ، وآخرها الجمعة ، كما ورد أنه ابتدأ الخلق في يوم الأحد ، وأنه خلق الأرض في يومين : الأحد والاثنين ، والسماوات في يومين : الخميس والجمعة ، وأنه خلق الجبال والوحوش والأشجار والزرع في : الثلاثاء والأربعاء ، وروى مسلم والحاكم عن ابن عباس إن الله خلق الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال وما فيهن من منافع يوم الثلاثاء ، وخلق يوم الأربعاء الصخر والماء والطين والعمران والخراب ، وخلق يوم الخميس السماء ، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقين منه ، فخلق الله في أول ساعة من هذه الثلاث ساعات الآجال ، وفي الثانية ألقى الله الألفة على كل شيء مما ينتفع به الناس ، وخلق في الثالثة آدم وأسكنه الجنة وأمر إبليس بالسجود له ، وأخرجه منها في آخر ساعة ، واستشكل ذلك بأنه لم يكن ثم شمس ، والجواب بأن المراد في قدرها لا يجدي نفعاً إلا أن يقال : إن ذلك التقدير في علم الله ، بحيث لو كانت الأيام موجودة لكانت كذلك ، ثم اعلم أن ما هنا من الأحاديث موافق لما يأتي في سورة فصلت ، من أن خلق الأرض مقدم على السماء ، ولا تنافي بينه وبين ما يأتي في سورة النازعات في قوله تعالى : { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } [ النازعات : 30 ] المقتضى تقديم السماء على الأرض ، لأن الدحي غير الخلق ، فإن الأرض خلقت أولاً كرة ، ثم بعد خلق السماء بطست الأرض . قوله : ( أي في قدرها ) جواب عن سؤال مقدر أفاده المفسر بقوله : ( لأنه لم يكن ثم شمس ) . قوله : ( التثبت ) أي التمهل في الأمور وعدم العجلة . قوله : ( هو في اللغة سرير الملك ) أي وتسميته عرشاً ، إنما هو بالنسبة لما عدا الراكب عليه لعلوه عليهم ، وأما المراد به هنا فهو الجسم النوراني المرتفع على كل الأجسام المحيط بكلها . قوله : ( استواء يليق به ) هذه طريقة السلف الذين يفوضون علم المتشابه لله تعالى ، وهذا نظير ما وقع لمالك بن أنس أنه سأله رجل عن قوله تعالى : { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ } [ طه : 5 ] فقال : الاستواء معلوم والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، أخرجوا عني هذا المبتدع ، وأما طريقة الخلف فيؤولون الاستواء بالاستيلاء والتصرف وهو المراد ، قال الشاعر : @ قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق @@ وقد أشار صاحب الجوهرة للطريقتين بقوله : @ وكل نص أوهم التشبيها أوله أو فوض ورم تنزيها @@ قوله : ( مخففاً ومشدداً ) أي فهما قراءتان سبعيتان ، وعليهما فالليل فاعل والنهار مفعول لفظاً ومعنى ، ووجب تقديم ما هو فاعل معنى لئلا يلتبس ، نحو أعطيت زيداً عمراً . قوله : ( أي يغطى كلاً منهما بالآخر ) يشير إلى أن في الآية حذفاً تقديره ويغشى النهار الليل ، ويؤيده آية : { يُكَوِّرُ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱللَّيْلِ } [ الزمر : 5 ] . قوله : { يَطْلُبُهُ حَثِيثاً } أي ليس بينهما فاصل ، والحث والحض بمعنى واحد ، وهو الطلب بسرعة ، وحثيثاً نعت مصدر محذوف ، أي طلباً حثيثاً . قوله : ( بالنصب عطفاً على السماوات ) أي ونصب : { مُسَخَّرَاتٍ } على الحال من : { ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ } أي فهما قراءتان سبعيتان . قوله : ( مذللات ) أي مسيرات ، فحيث سيرها سارت ، وفي هذا رد على الفلاسفة القائلين بتأثير الكواكب في العالم السفلي ، فهي أسباب عادية توجد الأشياء عندها لا بها . قوله : { أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ } ألا للاستفتاح يؤتى بها مبدأ الكلام البليغ الذي يقصد به الرد على المنكر ، والمراد بالخلق الإيجاد ، وبالأمر التصرف ، فهو منفرد بالإيجاد والتصرف فلا شريك له فيهما ، وتصرف الحادث إنما هو بتصريف الله له ، وليس لمخلوق استقلال بتصريف أبداً ، وإنما العبيد مظاهر التصريف ، فمن أكرمه أجرى جلب الخير ودفع الضر على يديه ، كمعجزات الأنبياء وكرامات الأولياء ، ومن أهانه أجرى الشرور على يده . قوله : { تَبَارَكَ } فعل ماض جامد لا يتصرف ، ومعناه تمجد وتنزه عن صفات الحدوث . قوله : { ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ } أمر لجميع العباد بالتوجه في الدعاء لله سبحانه وتعالى ، أي فحيث علمتم أن الله هو المتصرف في خلقه إيجاداً وإعداماً وإعطاءاً ومنعاً ، فوجهوا إليه قلوبكم واسألوه بألسنتهم ، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى للدعاء أربعة شروط : التضرع والخفية والخوف والطمع . قوله : ( حال ) أي من الفاعل في : { ٱدْعُواْ } أي ادعوا حال كونكم متضرعين متذللين ، لأن الدعاء إذا كان مع التذلل كان للإجابة أقرب . قوله : ( سراً ) أي باسماع نفسه ، لأن الله تعبدنا بالدعاء كما تعبدنا بالقراءة ، فلا يكفي مرور الدعاء على قلبه . واعلم أن باسماع نفسه ، لأن الله تعبدنا بالدعاء كما تعبدنا بالقراءة ، فلا يكفي مرور الدعاء على قلبه . واعلم أن الإنسان إذا كان وحده ، فالسر أفضل له إن كان ينشط في ذلك إلا فالجهر أفضل له كالجماعة . قوله : ( بالتشدق ) هو كثرة الكلام من غير حضور في القلب فهو راجع لقوله : { تَضَرُّعاً } وقوله : ( ورفع الصوت ) هو راجع لقوله : { وَخُفْيَةً } . قوله : { خَوْفاً } الخوف غم يحصل من أمر مكروه يقع في المستقبل . قوله : { وَطَمَعاً } الطمع توقع أمر محبوب يحصل في المستقبل ، ومنه رجاء الإجابة ، ففي الحديث : " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة " وفي الحديث أيضاً : " ما من عبد يرفع يديه ويقول يا رب إلا ويستحي الله أن يردهما صفرين " فاستفيد من هذا أنه ينبغي للداعي الخوف والرجاء ، فيجعلهما كجناحي الطائر ، إن مال أحدهما سقط . قوله : ( المطيعين ) أي ولو بالتوبة ، فالمطلوب تقديم التوبة على الدعاء ليقع الدعاء من قلب طاهر ، فيكون أقرب للإجابة . قوله : ( وتذكير قريب ) جواب عما يقال إن : { قَرِيبٌ } في الأصل وصف في المعنى لرحمة وهي مؤنثة ، فكان حقه التأنيث . فأجاب بأنه اكتسب التذكير من المضاف إليه ، وهو لفظ الجلالة ، أو يقال : { إِنَّ رَحْمَتَ } مجازي التأنيث فيوصف بالمذكر ، أو يقال إن معنى الرحمة الثواب وهو مذكر فوصفه بالمذكر من حيث المعنى .