Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 73, Ayat: 2-6)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { قُمِ ٱلَّيلَ } العامة على كسر الميم لالتقاء الساكنين ، وقرئ شذوذاً بضمها وفتحها ، و { ٱلَّيلَ } ظرف للقيام على طريقة البصريين ، أو مفعول به على طريقة الكوفيين ، والأمر للوجوب ، واختلف فيه فقيل : كان واجباً عليه وعلى أمته ، وقيل : كان واجباً عليه وعلى جميع الأنبياء قبله ، وقيل خاص به صلى الله عليه وسلم ، ثم نسخ التعيين بآخر السورة ، ثم نسخ بالصلوات الخمس . قوله : ( صل ) أي فالمعنى : قم للصلاة والعبادة . قوله : ( وقلته ) الخ ، جواب عما يقال : إن النصف مساو للنصف الآخر إلا قليل ، فأجاب : بأنه يوصف بالقلة بالنظر لكل الليل ، لا بالنظر للنصف الآخر . قوله : ( إلى الثلث ) أي انقص من النصف الذي تنامه ، فمعناه قم ثلثي الليل ، وقوله : ( إلى الثلثين ) أي زد على النصف الذي تنامه حتى تبلغ الثلثين ، فمعناه قم ثلث الليل ، فتحصل أن المعنى : قم نصف الليل أو ثلثيه أو ثلثه فهو من الواجب المخير . قوله : { وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ } أي في أثناء قيامك . والمعنى : اقرأ بترتيل وتؤدة وسكنية ووقار . قوله : { إِنَّا سَنُلْقِي } الخ ؛ هذه الجملة معترضة بين الأمر بقيام الليل وتعليله بقوله : { إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ } وفي الحقيقة هذه الجملة أيضاً تصلح أن تكون علة للأمر بقيام الليل كأنه قال : وقم الليل لتتهيأ لتحمل القول الثقيل الذي سننزله عليك . قوله : ( مهيباً ) أي عظيماً جليلاً ، واختلف في معنى كونه { ثَقِيلاً } فقال قتادة : ثقيل والله فرائضه وحدوده ، وقال مجاهد : حلاله وحرامه ، وقال محمد بن كعب : ثقيل على المنافقين ، لأنه يهتك أسرارهم ويبطل أديانهم ، وقيل : ثقيل بمعنى كريم ، وقيل ثقيل لا يحمله إلا قلب مؤيد بالتوفيق ، ونفس مزينة بالتوحيد ، وأجمع من هذا ، أن معناه كثير الفوائد والمعاني ، لا يدركه عقل واحد ، فهو كالبحر المحيط الذي لا ينقص بالاغتراف ، فجميع العلماء المتقدمين والمتأخرين يغترفون منه ، قال البوصيري : @ لها معان كموج البحر في مدد وفوق جوهره في الحسن والقيم فلا تعد ولا تحصى عجائبها ولا تسام على الإكثار بالسأم @@ وما مشى عليه المفسر ، من أن المراد بالقول القرآن هو أحد أقوال ، وقيل : إن المراد بالوحي ، لما في الحديث " أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته ، وضعت صدرها على الأرض ، فما تستطيع أن تتحرك حتى يسري عنه " . وقالت عائشة : ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه ، وإن جبينه ليتفصد عرقاً ، وقيل : القول الثقيل هو قول : لا إله إلا الله ، لما رود " أنها خفيفة على اللسان ، ثقيلة في الميزان " . قوله : ( القيام بعد النوم ) أشار بذلك إلى أن { نَاشِئَةَ } مصدر نشأ إذا قام ونهض ، كالعاقبة والعافية ، ويصح أن تكون صفة لموصوف ، أي أن النفس الناشئة بالليل ، أي القائمة فيه أشد وطأ الخ . قوله : { وَطْأً } تمييز أي من جهة المواطأة ، أي الموافقة فيها . قوله : ( موافقة السمع للقلب ) أي أن هذا الوقت توافق الحواس القلب ، فكل ما وقع في الحواس وعاء القلب ، لخلو القلب عن الشواغل ، فلا مفهوم لقول المفسر السمع ، وفي { وَطْأً } قراءتان سبعيتان ، كسر الواو وفتح الطاء بعدها ألف ، وفتح الواو وسكون الطاء بعدها همز ، ومعناهما ما قاله المفسر . قوله : ( أبين قولاً ) أي أصوب قراءة ، وأصح قولاً من النهار لسكون الأصوات .