Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 74, Ayat: 26-37)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } بدل من قوله : { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } [ المدثر : 17 ] ثم إن كان المراد بالصعود المشقة ، فالبدل واضح ، وإن كان صعود الجبل الهبوط ، فهو بدل اشتمال فتدبر . قوله : { مَا سَقَرُ } { مَا } مبتدأ ، و { سَقَرُ } خبره ، والجملة سدت مسد المفعول الثاني لأدرى . قوله : ( تعظيم لشأنها ) أي نظير ما تقدم في سورة الحاقة . قوله : { لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ } حال وفيها معنى التعظيم ، والجملتان بمعنى واحد ، والعطف للتوكيد ، هذا ما يقتضيه صنيع المفسر . قوله : { لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ } خبر مبتدأ محذوف ، وقوله : ( محرقة لظاهر الجلد ) أي فالمراد بالبشر الجلد ، ويطلق البشر على الناس جميعاً ، أو معنى لواحة تظهر لهم وتلوح قبل أن يسقطوا فيها ، ولكن المعنى الأول أقرب . قوله : { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } ملكاً أي وهم مالك ومعه ثمانية عشر ، وقيل تسعة عشر نقيباً ، وقل تسعة ألف ملك ، والقول الثاني موافق لقوله تعالى : { وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ } وفي القرطبي قلت : والصحيح إن شاء الله ، أن هؤلاء التسعة عشر هم الرؤساء والنقباء ، وأما جملتهم فالعبارة تعجز عنها كما قال تعالى : { وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ } وقد ثبت في الصحيح عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سعبون ألف ملك يجرونها " اهـ . وقد ورد في صفة الخزنة ، أن أعينهم كالبرق الخاطف ، وأنيابهم كالصياصي أي قرون البقر ، وأشعارهم تمس أقدامهم ، يخرج لهب النار من أفواههم ، ما بين منكبي أحدهم مسيرة سنة ، نزعت منهم الرحمة ، يدفع أحدهم سبعين ألفاً مرة واحدة ، فيرميهم حيث شاء من جهنم ، وفي رواية : إن لأحدهم مثل قوة الثقلين ، يسوق أحدهم الأمة على رقبته جبل ، فيرمى بهم في النار ، ويرمى الجبل عليهم . قوله : ( خزنتها ) أي يتولون أمرها ويتسلطون على أهلها ولا يتأملون منها ، بل هم فيها كخزنة الجنة في الجنة . قوله : ( قال بعض الكفار ) هو أبو الأشد بن كلدة بن خلف الجمحي ، قال ابن عباس : لما نزلت هذه الآية { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } قال أبو جهل لقريش : ثكلتكم أمهاتكم ، محمد يخبر أن خزنة النار تسعة عشر ، وأنتم شجعان ، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم ، فقال أبو الأشد : أنا أكفيكم منهم سبعة عشر ، عشرة على ظهري ، وسبعة على بطني ، واكفوني اثنين ، وفي رواية أنه قال : أنا أمشي بين أيديكم على الصراط ، فأدفع عشرة بمنكبي الأيمن ، وتسعة بمنكبي الأيسر في النار ، ونمضي فندخل الجنة ، فأنزل الله تعالى : { وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَٰبَ ٱلنَّارِ إِلاَّ مَلَٰئِكَةً } . قوله : { إِلاَّ فِتْنَةً } مفعول ثاني لجعل على حذف مضاف ، أي إلا سبب فتنة ، وقوله : { لِّلَّذِينَ } صفة لفتنة ، وإنما صار هذا العدد فتنة لهم من وجهين : الأول أن الكفار يستهزئون ويقولون : لم لا يكونون أزيد من ذلك ؟ والثاني أن هذا العدد قليل ، كيف يتولى تعذيب أكثر العالم من الجن والإنس ، من أول ما خلق الله إلى قيام الساعة ؟ قوله : { لِيَسْتَيْقِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ } متعلق بجعلنا الثاني ، والمعنى : ليكتسبوا اليقين بنبوة محمد وصدق القرآن ، لما رأوا ذلك موافقاً لما في كتابهم . قوله : ( من غيرهم ) أي غير اليهود فحصل التغاير ، فالمراد بالذين أوتوا الكتاب والمؤمنون أولاً اليهود ، والمراد بالذين أوتوا الكتاب ثانياً هم النصارى والمؤمنون المذكورون بعدهم من غير اليهود بل من هذه الأمة ، فاندفع ما يقال إن في الآية تكراراً . قوله : ( بالمدينة ) حال من { ٱلَّذِينَ } أي حال كونهم بالمدينة ، وهذا من الله إخبار بما سيقع ، لأن السورة نزلت قبل الهجرة بمكة . قوله : { مَاذَآ } الخ ، ما اسم استفهام مبتدأ ، وذا موصول خبره ، و { أَرَادَ ٱللَّهُ } صلة الموصول ، و { مَثَلاً } حال ، والمعنى : ما الذي اراد الله بهذا حال كونه مثلاً لا حقيقة لغربته ، لأن هذا العدد أمر غريب لم تسعه عقولنا . قوله : ( أي مثل إضلال ) اشار به إلى أن الكاف في محل نصب نعت لمصدر محذوف ، أي يضل اضلالاً مثل ذلك . قوله : ( وهدى مصدقه ) بوزن رمى بفتح أوله وسكون ثانيه ، أو بضم أوله وفتح ثانيه . قوله : { وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ } هذا جواب لأبي جهل حين قال : ما لمحمد أعوان إلا تسعة عشر . قوله : ( أي سقر ) اعاد الضمير على سقر ، ويجوز أن يعود على الآيات المذكورة فيها . قوله : { إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ } أي يتذكرون ويعلمون كمال قدرته تعالى . قوله : ( استفتاح بمعنى ألا ) أي فأتى بها تعظيماً للمقسم عليه ، وحينئذ فالوقف على ما قبلها ، وقيل : إنها حرف ردع وزجر ، وعليه فيوقف عليها ، قوله : ( بفتح الدال ) أي فإذا ظرف لما يستقبل ، ودبر فعل ماض بوزن ضرب ، وقوله : ( في قراءة ) الخ ، أي فإذا ظرف لما مضى من الزمان و { أَدْبَرَ } بوزن أكرم ، والقراءتان سبعيتان ، والرسم محتمل لكل منهما ، إذ الصورة الخطية لا تختلف ، وقرئ شذوذاً { إِذْ أَدْبَرَ } بألفين ، واختلفوا أهل دبر وأدبر بمعنى واحد ، أو أدبر معناه جاء ، وأدبر بمعنى مضى ، وهو الذي مشى عليه المفسر . قوله : { إِنَّهَا لإِحْدَى ٱلْكُبَرِ } جواب القسم . قوله : ( حال من إحدى ) هذا أحد احتمالات كثيرة نحو احد عشر وهو اظهرها . قوله : { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ } الخ ، هذا وعيد وتهديد نظير قوله : { فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ } [ الكهف : 29 ] .