Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 15-22)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ } الخ ، هذا من جملة بيان وصف مشاربهم ، وبنى الفعل للمجهول هنا ، لأن المقصود بيان المطاف به لا بيان الطائف ، وفاعل الطواف الولدان المذكوران بعد في قوله : { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ } ولما كان المقصود منها بيان وصف الطائف بناء للفاعل . قوله : { بِآنِيَةٍ } أصله أأنية بهمزتين ، الأولى مفتوحة ، والثانية ساكنة ، أبدلت الثانية ألفاً ، والجار والمجرور نائب الفاعل . قوله : { مِّن فِضَّةٍ } بيان للآنية . قوله : { وَأَكْوابٍ } عطف خاص على عام . قوله : ( أقداح بلا عرى ) أي فيسهل الشرب منه من كل موضع ، فلا يحتاج لإدارته . قوله : { كَانَتْ قَوَارِيرَاْ } جمع قارورة ، وهي ما أقر فيه الشراب ونحوه ، من كل إناء رقيق صاف ، وقيل : هو خاص بالزجاج ، وكرر لفظ قوارير ، توطئة للنعت بقوله من فضة ، فجمعت صفاء الزجاج وبريقه ، وبياض الفضة ولينها ، قال ابن عباس : ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء ، إذ الذي في الجنة أشرف وأعلى . وأعلم أن القراء السبعة في هاتين الكلمتين على خمس مراتب : إحداها تنوينهما معاً والوقف عليهما بالألف ، الثانية عدم تنوينهما وعدم الوقف عليهما بالألف ، الثالثة عدم تنوينهما والوقف عليهما بالألف ، الرابعة تنوين الأول والوقف عليه بالألف والثاني بدون تنوين ولا وقف عليه بالألف ، الخامسة عدم تنوينهما معاً والوقف على الأول بالألف وعلى الثاني بدونها ، والتنوين للتناسب نظير ما تقدم في سلاسل ، وعدم التنوين لمجيئه على صيغة منتهى الجموع . قوله : ( على قدر ريّ الشاربين ) أي شهوتهم ، إذ لا عطش في الجنة ، والريّ بكسر البراء وفتحها كفاية الشارب . قوله : ( وذلك ألذ الشراب ) أي لكونه لا يزيد على الحاجة فيستقذر الرائد ، ولا ينقص فيحتاج إليه ثانياً ، وهذا هو النعيم . قوله : ( بدل من زنجبيلاً ) أي ويصح أن يكون مفعول { يُسْقَوْنَ } وقوله : { كَأْساً } منصوب على نزع الخافض ، أي من كأس كما تقدم نظيره . قوله : { تُسَمَّىٰ } أي تلك العين لسهول إساغتها ولذة طعمها . قوله : { سَلْسَبِيلاً } هو ما كان في غاية السلاسة ، وهي سهولة الانحدار في الحلق ، زيدت الباء في الكلمة حتى صارت خماسية ، وقال مقاتل وابن حبان : سميت سلسبيلاً لأنها تسيل عليهم في الطرق وفي منازلهم ، تنبع من أصل العرش ، من جنة عدن إلى أهل الجنان ، قال البغوي : شراب الجنة في برد الكافور ، وطعم الزنجبيل ، وريح المسك من غير لذع . قوله : ( يعني أن ماءها كالزنجبيل ) أي فهو مماثل له في الاسم ، فجميع ما في الجنة من الأشجار والقصور والمأكول والمشروب والملبوس والثمار ، لا يشبه ما في الدنيا ، إلا في مجرد الاسم ، لكن الله تعالى ، يرغب الناس بذكر أحسن شيء وألذه مما يعرفونه في الدنيا ، لأجل أن يسعوا فيما يوصلهم إلى هذا النعيم المقيم . قوله : { وِلْدَانٌ } بكسر الواو باتفاق السبعة ، وهم غلمان ينشئهم الله تعالى لخدمة المؤمنين على التحقيق ، وقيل : هم أولاد المؤمنين الصغار ، ورد بأنهم يلحقون بآبائهم تأنساً وسروراً بهم ، وقيل : هم أولاد الكفار . قوله : ( لايشيبون ) أي لعدم وجود الشعر لهم . قوله : ( وهو أحسن منه في غير ذلك ) جواب عما يقال : ما الحكمة في تشبيههم باللؤلؤ المنثور دون المنظوم ؟ فأجاب : بأنه لحسنهم وانتشارهم في الخدمة ، شبههم بالؤلؤ المنثور ، قوله : { وَإِذَا رَأَيْتَ } الخطاب للنبي أو لكل من يدخل الجنة . قوله : { رَأَيْتَ نَعِيماً } أي ما يتنعم به من مأكل ومشرب وملبس ومركب وغير ذلك . قوله : ( واسعاً لا غاية له ) أي لا في الطول ولا في العرض ، لما في الحديث : " أدنى أهل الجنة منزلة ، من ينظر في ملكه مسيرة ألف عام ، يرى أقصاه كما يرى أدناه ، ومن الملك الكبير ، تسليم الملائكة عليهم ، ولبس التيجان على رؤوسهم ، كما تكون على رؤوس الملوك ، وأعظمهم منزلة من ينظر إلى وجه ربه كل يوم " . قوله : { عَالِيَهُمْ } بفتح الياء وضم الهاء ، وقوله : ( وفي قراءة ) أي سبعية أيضاً . قوله : ( وهو خبر المبتدأ بعده ) أي وهو ثياب ويصح العكس ، وهو كون { عَالِيَهُمْ } مبتدأ ، و { ثِيَابُ } خبره . قوله : { ثِيَابُ سُندُسٍ } الإضافة على معنى من ، والسندس ما رق من الحرير . قوله : ( عكس ما ذكر ) أي وهو جر { خُضْرٌ } ورفع { وَإِسْتَبْرَقٌ } فجر { خُضْرٌ } على الوصفية لسندس لأنه اسم جنس ، ووصفه بالجمع جائر ، ورفع { وَإِسْتَبْرَقٌ } عطف على { ثِيَابُ } على حذف مضاف ، أي وثياب إستبرق ، فالقراءات أربع سبعيات : رفع { خُضْرٌ } و { وَإِسْتَبْرَقٌ } وجرهما ، ورفع الأول وجر الثاني وعكسه ، وأما { سُندُسٍ } فمجرور لا غير ، لإضافة ثياب إليه . قوله : { وَحُلُّوۤاْ } عبر بالماضي إشارة لتحقق وقوعه . قوله : ( وفي موضع آخر ) الخ ، أي فقال في سورة الحج وفاطر { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً } [ الحج : 23 ، فاطر : 33 ] قوله : ( للإيذان ) أي للإعلام ، وقوله : ( معاً ) أي فيجمع في يد أحدهم ، سواران من ذهب ، وسواران من فضة ، وسواران من لؤلؤ ، وقوله : ( ومفرقاً ) أي فتارة يلبسون الذهب فقط ، وتارة يلبسون الفضة فقط ، وتارة يلبسون اللؤلؤ فقط ، على حسب ما يشتهون . قوله : { وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ } أسند الإسقاء لنفسه ، إشارة لعلو منزلتهم ورفعه قدرهم ، وإلى أن الشراب الطهور ، ونوع آخر يفوق على ما تقدم . قوله : { شَرَاباً طَهُوراً } أي من أقذار لم تمسه الأيدي ، ولم تدنسه الأرجل كخمر الدنيا . قوله : { إِنَّ هَـٰذَا } الخ ، أي يقال لهم ذلك بعد دخولهم . فيها ومشاهدتهم نعيمها ، لمزيد الأنس والسرور . قوله : { مَّشْكُوراً } أي مقبولاً مرضياً .