Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 78, Ayat: 18-30)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ } أي في النفخة الثانية . قوله : ( جماعات مختلفة ) روي عن معاذ بن جبل : " قلت : يا رسول الله ، أرأيت قول الله تعالى { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا معاذ بن جبل ، لقد سألت عن أمر عظيم ، ثم أرسل عينيه باكياً ثم قال : يحشر عشرة أصناف من أمتى شتاتاً ، قد ميزهم الله تعالى من جماعات المسلمين ، وبدل صورهم ، فبعضهم على صورة القردة ، وبعضهم على صورة الخنازير ، وبعضهم منكسون أرجلهم فوق وجوههم يسحبون علهيا ، وبعضهم عمي مترددون ، وبعضهم صم بكم عمي فهم لا يعقلون ، وبعضهم يمضغون ألسنتهم فهي مدلاة على صدورهم يسيل القيح من أفواههم لعاباً يتقذرهم أهل الجمع ، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم ، وبعضهم مصلبون على جذوع من النار ، وبعضهم أشد نتناً من الجيف ، وبعضهم يلبسون جلابيب سابغة من القطران لاصقة بجلودهم ، فأما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس يعني التمام ، وأما الذين على صورة الخنازير فأهل السحت والحرام والمكس ، وأما المنكسون رؤوسهم ووجوههم فأكلة الربا ، وأما العمي فهم من يجورون في الحكم ، وأما الصم البكم فهم الذي يعجبون بأعمالهم ، وأما الذين يمضغون ألسنتهم فالعلماء والقصاص الذين يخالف قولهم فعلهم ، وأما المقطعة أيديهم وأرجلهم فالذين يؤذون الجيران ، وأما المصلبون على جذوع من النار فالسعاة بالناس إلى السلطان ، وأما الذين هم أشد نتناً من الجيف فالذين يتمتعون بالشهوات ويمنعون حق الله من أموالهم ، وأما الذين يلبسون الجلابيب فأهل الكبر والفخر والخيلاء " . قوله : { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ } عطف على قوله : { فَتَأْتُونَ } وعبر بالماضي لتحقق الوقوع . قوله : ( بالتشديد والتخفيف ) أي فهما قراءتان سبعيتان . قوله : ( شققت ) أشار بذلك إلى أنه ليس المراد بالفتح ، ما عرف من فتح الأبواب ، بل هو التشقق لموافقة قوله : { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } [ الإنشقاق : 1 ] { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } [ الانفطار : 1 ] ، وخير ما فسرته بالوارد . قوله : ( لنزول الملائكة ) أي لأنهم يموتون بالنفخة الأولى . ويحيون بين النفختين ، وينزلون جميعاً ، يحيطون بأطراف الأرض وجهاتها ، يسوقون الناس إلى المحشر . قوله : { وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ } أي في الهواء بعد تفتيتها . قوله : ( هباء ) المناسب إبقاء السراب على ظاهره ، ويكون المعنى على التشبيه ، أي فكانت مثل السراب ، من حيث إن المرئي خلاف الواقع ، فكما يرى السراب كأنه ماء ، كذلك الجبال ترى كأنها جبال وليست كذلك في الواقع لقوله تعالى : { وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ } [ النمل : 88 ] والا فتفسير السراب بالهباء لم يوجد في اللغة . قوله : ( راصدة أم مرصدة ) أشار بذلك إلى أن { مِرْصَاداً } من رصدت الشيء أرصده إذا ترقبته ، فهي راصدة للكفار مترقبة لهم ، أو مرصدة بمعنى معدة ومهيأة لهم ، يقال : أرصدت أعددت له . قوله : { أَحْقَاباً } ظرف للابثين . قوله : ( لا نهاية لها ) أي لمجموعها وإن كان كل منها متناهياً ، وإنما قال : ( لا نهاية لها ) ليوافق قوله تعالى : { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } [ النساء : 57 ] . قوله : ( بضم أوله ) أي وسكون ثانيه ، وهو ثمانون سنة ، كل سنة اثنا عشر شهراً ، كل شهر ثلاثون يوماً ، كل يوم ألف سنة ، عن الحسن قال : إن الله تعالى لم يجعل لأهل النار مدة بل قال : { لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً } فوالله ما هو إلا أنه إذا مضى حقب دخل حقب إلى الأبد ، وليس للأحقاب عدة إلا الخلود ، وعن ابن مسعود قال : لو علم أهل النار أنهم يلبثون في النار عدد حصى الدنيا لفرحوا ، ولو علم أهل الجنة أنهم يلبثون في الجنة عدد حصى الدنيا لحزنوا ، قوله : ( نوماً ) سمي النوم برداً لأنه يبرد صابحه ، ألا ترى أن العطشان إذا نام سكن عطشه ، وهي لغة هذيل ، وقال ابن عباس : البرد برد الشراب ، وقال الزجاج : أي لا يذقون فيها برد ريح ، ولا ظل نوم ، فجعل البرد برد كل شيء له راحة ، فأما الزمهرير فهو برد عذاب لا راحة فيه . قوله : ( لكن ) { حَمِيماً } قضية كلامه إن الاستثناء منقطع ، ويجوز أن يكون متصلاً من عموم قوله ولا شراباً ، والأحسن أنه بدل من شراباً ، لأن الاستثناء من كلام غير موجب . قوله : ( بالتخفيف والتشديد ) أي فهما قراءتان سبعيتان . قوله : { جَزَآءً وِفَاقاً } منصوب على المصدرية لمحذوف قدره المفسر بقوله : ( جوزوا بذلك ) الخ . قوله : ( موافقاً لعملهم ) أشار بذلك إلى أن { وِفَاقاً } صفة لجزاء بتأويله باسم الفاعل . قوله : { إِنَّهُمْ كَانُواْ } تعليل لقوله : { جَزَآءً وِفَاقاً } . قوله : { كِذَّاباً } بالتشديد بإتفاق السبعة . قوله : { وَكُلَّ شَيْءٍ } منصوب على الاشتغال ، أي وأحصينا كل شيء أحصيناه . قوله : ( كتبا ) أشار بذلك إلى أن { كِتَاباً } مصدر من معنى الأحصاء على حد جلست قعوداً ، فمعنى { كِتَاباً } ، إحصاء . قوله : ( في اللوح المحفوظ ) وقيل في صحف الحفظة على بني آدم قوله : ( ومن ذلك ) أي كل شيء . قوله : { فَذُوقُواْ } أمر إهانة وتحقير ، والجملة معمولة لمقدر كما أشار له المفسر . قوله : { فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً } قيل هذه أشد آية في القرآن على أهل النار ، كلما اسغاثوا بنوع من العذاب أغيثوا بأشد منه .