Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 24-25)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { ٱسْتَجِيبُواْ } السين والتاء زائدتان للتوكيد . قوله : { إِذَا دَعَاكُم } أفرد لأن دعوة الرسول في الحقيقة هي لله ، وذكر الرسول أولاً ، لأنه المبلغ عن الله ، فعدم طاعته مخالفة لله . قوله : { لِمَا يُحْيِيكُمْ } ما إما نكرة وجملة يحييكم صفة ، أو اسم موصول وما بعدها صلة ، والمعنى لما فيه حياتكم الأبدية . قوله : ( من أمر الدين ) أي وهو الإيمان والإسلام ، وقيل هو القرآن ، لأنه حيلة القلوب ، وبه النجاة من أهوال الدنيا والآخرة ، وقيل هو الحق مطلقاً ، وقيل الجهاد في سبيل الله وأتمها ما قاله المفسر . قوله : { وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ } أي يفصل بينهما بتصاريفه وأحكامه ، وذلك كناية عن كونه أقرب للشخص من قلبه ومن قلبه لذاته ، بل هو أقرب من السمع للأذن ، ومن البصر للعين ، ومن اللمس للجسد ، ومن الشم للأنف ، ومن الذوق للسان ، فشبه القرب بالحيلولة ، واستعير اسم المشبه به ، وهو الحيلولة للمشبه ، وهو القرب واشتق من الحيلولة يحول بمعنى يقرب ، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية . قوله : ( فلا يستطيع أن يؤمن أو يفكر إلا بإرادته ) تقدم أنه لا مفهوم للفكر والإيمان بل السمع والبصر والشم والذوق واللمس في قبضة الله سبحانه ، إن شاء أبقاه وإن شاء أذهبه ، وإنما خص الإيمان والكفر لأن مناط السعادة والشقوة بهما . قوله : ( فيجازيكم بأعمالكم ) أي إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر . قوله : { وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً } أي سبب فتنة وهي المعاصي ، فإنها سبب لنزول المصائب الدنيوية . قوله : { تُصِيبَنَّ } الجملة صفة لفتنة ، و { لاَّ } نافية ، و { تُصِيبَنَّ } فعل مضارع مبني على الفتح ، لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ، وهو واقع في جواب شرط مقدر ، قدره المفسر بقوله : ( إن أصابتكم ) وليس جواباً للأمر ، لأن المرتب على تقواها عدم إصابتها أحداً لا خصوصاً ولا عمومياً ، وإنما أكد الفعل المضارع المنفي بالنون ، إجراء له مجرى النهي ، قوله : ( بل تعمهم وغيرهم ) أي فالظالم لظلمه ، وغير الظالم لإقراره وسكوته وعدم نهيه عن المنكر ، وفي الحديث ما معناه " مثل الظالم كمثل جماعة في أسفل مركب ، ومثل غير الظالم كمثل جماعة في أعلى المركب ، فأراد أهل الأسفل أن يخرقوا خرقاً يستقون منه ، فإن سلم لهم أهل الأعلى هلكوا جميعاً ، وإن قاموا عليهم نجوا جميعاً " قال ابن عباس : إن الله أمر المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم ، فيعمهم الله بالعذاب ، فيصيب الظالم وغير الظالم ، وفي الحديث : " إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة ، حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم ، وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه فإذا فعلوا ذلك ، عذب الله العامة والخاصة " ، وورد " إذا عمت الخطيئة في الأرض ، كان من شهدها فأنكر ، كمن غاب عنها ، ومن غاب عنها فرضيها ، كان كمن شهدها " ، إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في ذلك ، فإذا علمت ذلك ، فلا تشكل هذه بقوله تعالى { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } [ الأنعام : 164 ] ، بما علمت أن الساكت على المنكر ، مؤخذ بوزر نفسه لا بوزر المباشر .