Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 30-32)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ } إذ ظرف معمول لمحذوف قدره المفسر بقوله : ( اذكر ) وهذا تذكير لنعمة الله على نبيه ، إثر تذكير نعمة الله على المؤمنين بقوله : { وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي ٱلأَرْضِ } [ الأنفال : 26 ] . والمكر الاحتيال على إيصال الضر للغير . وحاصل ذلك : أن قريشاً عرفوا لما أسلم الأنصار ، أن أمر رسول الله يتفاخم ويظهر ، فاجتمع نفر من كبار قريش في دار الندوة ليتشاوروا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان رؤساؤهم : عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وأبو جهل ، وأبو سفيان ، وطعمة بن عدي ، والنضر بن الحرث ، وأبو البحتري بن هشام ، وزمعة بن الأسود ، فجاءهم إبليس في صورة شيخ نجدي ، فلما رأوه قالوا له : من أنت ؟ قال : أنا شيخ من نجد ، سمعت باجتماعكم فأردت أن أحضركم ، ولن تعدموا مني رأياً ونصحاً ، فقالوا له : ادخل فدخل ، فقال أبو البحتري : أما أنا فأرى أن تأخذوا محمداً وتحبسوه في بيت مقيداً ، وتسدوا باب البيت غير كوة تلقون منها طعامه وشرابه حتى يهلك ، فصرخ ذلك الشيخ النجدي وقال : بئس الرأي ، إن أصحابه يقاتلونكم ويخرجونه قهراً عليكم ، فقالوا : صدق الشيخ النجدي فقال هشام بن عمرو : إني أرى أن تحملوه على بعير فتخرجوه من بين أظهركم ، فلا يضركم ما صنع ، فقال الشيخ النجدي : ما هذا برأي ، تعمدون إلى رجل قد اتبعه سفهاؤكم ، فتخرجوه إلى غيركم فيفسدهم ، ألم تروا إلى حلاوة منطقه وطلاقة لسانه ، لئن فعلتم ذلك ، يذهب ويستميل قلوب آخرين ، فيسير بهم إليكم فيخرجكم من بلادكم ، فقال أبو جهل : إني أرى أن تأخذوا من كل بطن من قريش شاباً نسيباً ، ويعطى كل شاب سيفاً صارماً ، ثم يضربونه به ضربة واحدة ، فإذا قتل تفرق دمه في القبائل ، ولا أظن أن هذا الحي من بني هاشم ، يقوون على حرب قريش كلها ، غايته يطلبون ديته وهو أمر سهل ، فقال إبليس : إنه أجودكم رأياً فتفرقوا على ذلك ، فأتى جبريل وأخبر رسول الله بذلك ، وبأن الله أذن له في الخروج إلى المدينة ، فلما كان الليل ، اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام ، فأمر رسول الله علياً أن يبيت بمضجعه ، وقال له : تسج ببردتي ، فإنه لن يخلص إليك منهم أمر تكرهه ، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ، وقد أخذ أبصارهم ، فلم يره منهم أحد ، ونثر على رؤوسهم التراب وهو يتلو قول تعالى { يسۤ } [ يس : 1 ] إلى قوله : { فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } [ يس : 9 ] ثم أتاهم آت فقال لهم : إن محمداً خرج عليكم ووضع التراب على رؤوسكم ، فما من رجل منهم أصابه ذلك التراب ، إلا قتل يوم بدر كافراً . قوله : ( بدار الندوة ) أي بالدار التي يقع فيها الحديث والاجتماع ، وهي أول دار بنيت بمكة ، فلما حج معاوية ، اشتراها من الزبير العبدري بمائة الف درهم ، ثم صارت كلها بالمسجد الحرام ، وهي في جانبه الشمالي . قوله : { لِيُثْبِتُوكَ } هذا إشارة لرأي أبي البحتري . قوله : { أَوْ يَقْتُلُوكَ } أي شبان القبائل كلهم قتلة رجل واحد ، وهو إشارة لرأي أبي جهل . قوله : { أَوْ يُخْرِجُوكَ } هو إشارة لرأي هشام بن عمرو . قوله : { وَيَمْكُرُونَ } ( بك ) أي يحتالون ويتدبرون في أمرك . قوله : ( بتدبير أمرك ) جواب عما يقال : إن حقيقة المكر محالة على الله تعالى ، لأنه الاحتيال على الشيء من أجل حصول العجز عنه ، وأجيب أيضاً : بأن المراد يمكر الله ، معاملته لهم معاملة الماكر ، حيث خيب سعيهم وضيع أملهم ، أو المراد جازاهم على مكرهم ، فسمى الجزاء مكراً لأنه في مقابلته . قوله : ( أعلمهم به ) دفع بذلك ما يقال : إن المكر لا خير فيه ، وأجيب أيضاً : بأن اسم التفضيل ليس على بابه . قوله : { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ } هذا من جملة قبائح أهل مكة . قوله : { مِثْلَ هَـٰذَا } تنازعه كل من سمعنا وقلنا . قوله : ( الحيرة ) بلدة بقرب الكوفة . قوله : ( اخبار الأعاجم ) أي كالفرس والروم قوله : { إِلاَّ أَسَاطِيرُ } جمع اسطورة ، كأكاذيب جمع أكذوبة وزنا ومعنى ، وقد رد الله عليهم تلك المقالة بقوله تعالى : { قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ } [ هود : 13 ] ، وقال أيضاً { قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ } [ يونس : 38 ] ، فعجزوا عن ذلك وقال البوصيري : @ سور منه أشبهت صورا منا ومثل النظائر النظراء @@ قوله : { وَإِذْ قَالُواْ } هذا من جملة قبائحهم الشنيعة . قوله : { هُوَ ٱلْحَقَّ } القراء السبعة على نصب الحق خبراً لكان ، وهو ضمير فصل لا محل له من الإعراب ، وقرىء شذوذاً برفعه على أنه خبر للضمير ، والجملة خبر لكان . قوله : { مِنْ عِندِكَ } حال من الحق . قوله : { حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } أي من سجيل مسومة كما أرسلتها على اصحاب الفيل . قوله : { بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي كالصيحة والخسف . قوله : ( قاله النضر ) أي ابن الحرث ، وقوله : ( وغيره ) أي وهو أبو الجهل ، ولا مانع من أن كلا قال ذلك . قوله : ( استهزاء ) أي سخرية به صلى الله عليه وسلم . قوله : ( وإيهاماً أنه على بصيرة ) أي لأن اصعب الأيمان الدعاء على النفس .