Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 88, Ayat: 17-20)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } استئناف مقرر لما مضى من حديث الغاشية ، والهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة عليه ، والتقدير : أعموا فلا ينظرون ، وهو استفهام إنكاري توبيخي ، وخصت الإبل لكثرة منافعها ، كأكل لحمها وشرب لبنها والحمل عليها وركوبها والتنقل عليها إلى البلاد البعيدة ، وعيشها بأي نبات أكلته ، كالشجر والشوك ، وصبرها على العطش عشرة أيام فأكثر ، وطواعيتها لكل من قادها ولو صغيراً ، ونهوضها وهي باركة بالأحمال الثقيلة ، ولا تؤذي من وطئته برجلها ، وتتأثر بالصوت الحسن مع غلظ أكبادها ، ولا شيء من الحيوانات جمع هذه الأشياء غيرها ، ولكونها أفضل ما عند العرب ، جعلوها دية القتل ، والإبل اسم جمع لا واحد له من لفظه ، وإنما له واحد من معناه ، كبعير وناقة وجمل . قوله : { كَيْفَ خُلِقَتْ } { كَيْفَ } منصوب بـ { خُلِقَتْ } على الحال ، والجملة بدل اشتمال من الإبل ، فهي في محل جر . قوله : { كَيْفَ رُفِعَتْ } أي فوق الأرض من غير عمد . قوله : { كَيْفَ نُصِبَتْ } أي على وجه الأرض ، نصباً راسخاً لا يتزلزل . قوله : ( فيستدلون بها ) إلخ ، الحكمة في تخصيص هذه الأشياء بالذكر ، أن القرآن نزل على العرب ، وكانوا يسافرون كثيراً في الأودية والبراري منفردين عن الناس ، والإنسان إذا انفرد أقبل على التفكر ، فأول ما يقع بصره على البعير الذي هو راكبه ، فيرى منظراً عجيباً ، وإن نظر إلى فوق لم ير غير السماء ، وإن نظر يميناً وشمالاً لم ير غير الجبال ، وإن نظر إلى تحت لم ير غير الأرض ، فكأنه تعالى أمره بالنظر وقت الخلوة والانفراد ، ولا يحمله الكبر على ترك النظر . قوله : ( وصدرت ) أي هذه الأربعة . قوله : ( وإن لم ينقض ) أي ما قاله أهل الهيئة من قواعدهم التي ذكروها ، وقوله : ( ركناً ) أي قاعدة من قواعد الشرع ، فلا يضر في العقيدة ، لأن علماء الهيئة قالوا : إن الأرض كرة بطبعها وحقيقتها ، كالبيضة في السماوات السبع ، محيطة بالأرض من كل جانب ، والعرش محيط بالجميع ، ولكن الله تعالى أخرج الأرض عن طبعها بفضله وكرمه ، بتسطيح بعضها لإقامة الحيوانات عليها رحمة بهم .