Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 99-103)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن الإيمان أنه بالتوفيق لا بالخذلان بقوله تعالى : { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي ٱلأَرْضِ } [ يونس : 99 ] إلى قوله : { نُنجِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ يونس : 103 ] ، { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ } أي : في الأزل ، { لآمَنَ مَن فِي ٱلأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً } أي : قدر لهم الإيمان في الأزل كما قدر لبعضهم وهيأ لهم أسباب الهداية ، كما هيأ لبعضهم وكتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه كما كتب بعضهم ، وذلك " أن الله تعالى خلق الخلق في ظلمة … " الحديث ، كما قال صلى الله عليه وسلم : وكان إصابة النور لمشيئة الله تعالى وهي تهيؤ أسباب الهداية وعبارة من كناية عن الحق ، { أَفَأَنتَ } [ يونس : 99 ] يا محمد ، { تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ } [ يونس : 99 ] الذين لم يصبهم النور المرشش . { حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } [ يونس : 99 ] بالنور لما علمنا أن من لم يجعل الله له نوراً فما له من نور { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ } [ يونس : 100 ] ، مظلمة { أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } [ يونس : 100 ] ، وإذنه بإصابة النور المرشش . { وَيَجْعَلُ ٱلرِّجْسَ } [ يونس : 100 ] أي : عذاب الحجاب ، { عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } [ يونس : 100 ] سنة الله في الهداية والخذلان بأن سنته أن تهدي العقول المؤيدة بنور الإيمان إلى توحيد الله ومعرفته ولا تهدى العقول المجردة عن نور الإيمان إلى ذلك ، وهذا رد على الفلاسفة أنهم يحسبون أن للعقول المجردة عن الإيمان سبيلاً إلى التوحيد والمعرفة ، { قُلِ ٱنظُرُواْ } [ يونس : 101 ] بالعقول الخالية عن الإيمان . { مَاذَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ يونس : 101 ] من الآيات الظاهرة وفي سماوات القلوب وأرض النفوس من الآيات الباطنة هل تنفعكم هذه العقول ، وتحصيل الإيمان هو من كتابه الحق ونوره ، فإذا علمتم أنه محال فاعلموا أنه { وَمَا تُغْنِي ٱلآيَاتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } [ يونس : 101 ] إلا بالكتابة السابقة والنور المرشش أي : لا تغنيهم العقول المجردة عن نور الإيمان عند رؤية الآيات إلا أن تكون مؤيدة بالنور ، { فَهَلْ يَنتَظِرُونَ } [ يونس : 102 ] ويا أرباب العقول المجردة عن نور الإيمان . { إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ } [ يونس : 102 ] يعني : كانوا ينتظرون ما قدرنا لهم من أمر السعادة والشقاوة حتى نبشرهم لما خلقوا له ويهيئ أسبابه ، { قُلْ فَٱنْتَظِرُوۤاْ } [ يونس : 102 ] حصول أسبابه وظهور ما قدرنا لكم ، { إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنْتَظِرِينَ } [ يونس : 102 ] ليدخل أو إن ما قدرنا لكم ، { ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ يونس : 103 ] لما قدرنا لهم من أمر السعادة عند تهيؤ أسباب السعادة وظهورها من الشقاوة ، { كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ يونس : 103 ] من الشقاوة في كل زمان بانعدام أسبابها وتهيؤ أسباب السعادة .