Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 12-16)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن استدعاء الكفار وضيق صدر النبي صلى الله عليه وسلم المختار بقوله : { فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ } [ هود : 12 ] إلى قوله : { مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ هود : 16 ] قوله : { فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ } أي : لثقله ، { وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ } [ هود : 12 ] بحمله مثل قوله : { وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ } [ التوبة : 20 ] ، { أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ } [ هود : 12 ] لئلا يطمع في أموالنا ، { أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ } [ هود : 12 ] ليعينه على الجهاد كما جاء جبريل عليه السلام لوطاً ليعينه في إهلاك قومه ، ثم قال تسلية لقلب النبي صلى الله عليه وسلم : { إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ } [ هود : 12 ] يعني : فما عليك إلا التبليغ والإنذار ، { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } [ هود : 12 ] من إنزال الكتب وإرسال الملك والهداية ؛ لقبول الدعوة والضلالة لرد الدعوة ، فيجري عليهم ما يشاء كما يشاء . { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } [ هود : 13 ] محمد صلى الله عليه وسلم من نفسه فيما يأمرنا من الجهاد بأموالنا وأنفسنا ، وفيما يصعب علينا من الأوامر والنواهي ، { قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ } [ هود : 13 ] مثل القرآن المشتمل على الحكم والمعاني والأسرار والأنوار والدقائق والحقائق والفصاحة والبلاغة والهداية والإعجاز والإرشاد إلى سبيل الرشاد ، { مُفْتَرَيَٰتٍ } [ هود : 13 ] إن كان مفترى ، { وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ } [ هود : 13 ] ليفتري معكم ، { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } [ هود : 12 ] بأنه مفتري ، فإن لما افترى إنسان بقدر إنسان آخر أن يفتري مثله ، { فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ } [ هود : 14 ] أهل العالم جنسه وأنسه في افتراء مثله . { فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ } [ هود : 14 ] لا بعلم الخلق ، فإن فيه الأخبار عما سيأتي وهو يعد في الغيب إلا الله ، { وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } [ هود : 14 ] الذي أنزل القرآن وليس إلا آخر إن ينزل مثل ما أنزل الله ، { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } [ هود : 14 ] بهذه الدلائل والبراهين التي تلقى الإسلام في الصدور ، وتقذف الإيمان في القلوب المستعدة لقبول الإيمان . ثم أخبر عمن يختار الحياة الدنيا وزينة الدنيا من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والحرث ، ولا يختار الآخرة والجهاد في سبيل الله بالمال والنفس فقال : { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا } [ هود : 15 ] في طلب الدنيا وشهواتها ؛ أي : في الدنيا ، { وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ } [ هود : 15 ] لا ينقصون في الدنيا بما سعوا في طلبه ، ولكن لا يقضون في الآخرة من أجورهم وإن كانت الأعمال الأخروية ؛ لأنهم طلبوا بذلك الدنيا وأرادوا بها الفاني وآثروها على الباقي . { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ } [ هود : 16 ] وإن أشد النيران نار القطيعة ، { وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ } [ هود : 16 ] أعمال الخير ، { فِيهَا } [ هود : 16 ] في الدنيا الدنية ، { وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ هود : 16 ] من الأعمال فإن كانت حقاً ؛ لأنهم عملوها لغير وجه الله وهو باطل ، وبه يشير إلى كل من عمل عملاً يطلب به غير الله بأن عمله ومطلوبه باطل كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن أصدق كلمة قالتها العرب : ألا كل شيء ما خلا الله باطل " .