Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 20-24)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ } [ هود : 20 ] أي : لم يعجزوني بأن أهلكهم في الدنيا ؛ لئلا يبقوا في الأرض متمتعين بها . { وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ } ينتفعون بهم في الدنيا والآخرة انتفاع النجاة ، بل { يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ } [ هود : 20 ] عذاب الضلال والإضلال ، فإنهم ضلوا عن سبيل الله بطلب الدنيا ، وأضلوا أهل الإرادة عن طريق الحق باستتباعهم . { مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ } [ هود : 20 ] ليسمعوا نصح الله ورسوله ، ونصح الناصحين ، { وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } [ هود : 20 ] أي : ما كانوا لهم بصر يبصرون بها الحق ، ولا سمع يسمعون به الحق عن أهل الحق ، { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } [ هود : 21 ] بأنهم باعوا الدين بالدنيا ، واشتروا الحياة الدنيا بالآخرة ورضا الله ، { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } [ هود : 21 ] أي : ما كان لافترائهم حاصل إلا الندامة والغرامة ، { لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } [ هود : 22 ] لأنهم مؤاخذون بخسرانهم وخسران اتباعهم بحسبانهم أنهم يحسنون صنعاً كقوله تعالى : { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً } [ الكهف : 103 ] . ثم أخبر عن مثل أهل الهداية وأهل الغواية بقوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ } [ هود : 23 ] ، { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي : آمنوا بطلب الله ، وطلبوه على أقدام معاملات صالحات للطلب المفيدات للوصول إلى المطلوب ، { وَأَخْبَتُوۤاْ } أي : أنابوا ، { إِلَىٰ رَبِّهِمْ } بالكلية ، ولم يطلبوا منه إلا هو واطمأنوا به . { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلجَنَّةِ } [ هود : 23 ] أي : أرباب الجنة كما يقال لرب الدار : صاحب الدار وهم مطلوبو الجنة لا طلابها ، وإنما هم طلاب الله ، { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ هود : 23 ] طلاباً عن الضالين المضلين ، والطالبين المجتبين ، { مَثَلُ ٱلْفَرِيقَيْنِ كَٱلأَعْمَىٰ وَٱلأَصَمِّ } [ هود : 24 ] . ثم أخبر والأعمى الذي لا يبصر الحق حقاً والباطل باطلاً ، بل يبصر الباطل حقاً والحق باطلاً ، والأصم لا يسمع الحق حقاً والباطل باطلاً ، بل يسمع الباطل حقاً والحق باطلاً ، { وَٱلْبَصِيرِ وَٱلسَّمِيعِ } [ هود : 24 ] البصير الذي يرى الحق حقاً ويتبعه ، ويرى الباطل باطلاً ويجتبيه ، والسميع الذي يسمع الحق حقاً ويعمل به والباطل باطلاً ولا يعمل به ، وأيضاً البصير من كان الله بصره فبه يبصره ، والسميع من كان الله سمعه فيسمع به ، ومن أبصر بالله لا يبصر غير الله ، ومن سمع بالله لا يسمع إلا من الله ، { هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } [ هود : 24 ] أي : أفلا تتذكرون يوم الميثاق إن كنتم تسمعون خطاب : { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ } [ الأعراف : 172 ] بالله من الله تصبرونه به وتعرفونه به وتحبونه به .