Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 29-32)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَيٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } [ هود : 29 ] أي : على دعوتكم من السفليات إلى العلويات وجوار رب العالمين ، { مَالاً } [ هود : 29 ] مما يميلون إليه من الشهوات السفلية ؛ لأنها ليست من مشاربه ، { إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ } [ هود : 29 ] لما دون مشربي هو الواردات الإلهية والشواهد الربانية ، { وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّلاَقُواْ رَبِّهِمْ } [ هود : 29 ] يشير إلى أن النفس من طبعها أنها تنادي من استعمال البدن وجوارحه في تكاليف الشرع فيستدعي من الروح ويقول : أتريد أن أؤمن بك وأتخلق بأخلاقك ، فامنع البدن وجوارحه من استعمال الشرعية فيجتنبها الروح ويقول : { وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ } مانع الذين آمنوا من البدن وجوارحه من استعمال الشرعية ؛ لأنهم اعتقدوا { إِنَّهُمْ مُّلاَقُواْ رَبِّهِمْ } بالعين التي هي ناظر بهم وهي مستفادة من رؤية الحق من الأنوار المودعة في أعمال الشريعة . { وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ } [ هود : 29 ] يا نفس الهوى والطبيعة ، { قَوْماً تَجْهَلُونَ } [ هود : 29 ] لا تقبلون بجهلكم دعوة قبلها البدن وجوارحه في العبودية للرجوع إلى حضرة الربوبية والاستعداد بالرؤية . { وَيٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ } [ هود : 30 ] أي : من يمنعني من عذاب الله وقهره إن منعت البدن من الطاعة والعبودية ، واقتصر على تجرد يقين النفس وتخلقها بأخلاق الروح كما هو معتقد أهل الفلاسفة وأهل الإباحة بأن يقولوا : إن أصل العبودية معرفة الربوبية وجمعية الباطن والتحلية بالأخلاق الحميدة ، فلا عبرة للأعمال البدنية كذبوا الله ورسوله فضلوا وأضلوا كثيراً ، وإن القول ما قال المشايخ : الظاهر عنوان الباطن ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يستقيم إيمان أحدكم حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، ولا يستقيم لسانه حتى تستقيم أعماله " يعني : أركان الشريعة على جوارحه . { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } [ هود : 30 ] أن جمعية الباطن واستقامة الإيمان من نتائج استعمال الشريعة في الظاهر ، والجمعية الحقيقية في الباطن هي المتولدة من الأنوار المودعة في أركان الشرع تسري إلى الباطن عن استعمال الشريعة في الظاهر وإن الله تعالى أودع النور في الشرع والظلمة في الطبع ، وإنما بعث الأنبياء ليخرجوا الخلق من ظلمات الطبع إلى نور الشرع ، فافهم جدّاً . { وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ } [ هود : 31 ] يعني : المواهب المخزونة المكنونة عند الله في الغيب ، { وَلاَ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } [ هود : 31 ] أي : وما أنا بقادر على ما في الغيب المعنى ليس في هذه الأشياء لأدعوكم إلى نفسي وأدعوكم إلى اتباعي بها ، { وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ } [ هود : 31 ] لا أحتاج في الاستكمال إلى البدن وجوارحه ، { وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِيۤ أَعْيُنُكُمْ } [ هود : 31 ] أي : البدن وجوارحه الذين تنظرون إليهم بنظر الحقارة ، { لَن يُؤْتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيْراً } [ هود : 31 ] أي : استعداداً لتحصيل الدرجات العلوية إذ هم مخلوقون من السفليات ، { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِيۤ أَنْفُسِهِمْ } [ هود : 31 ] أي : في نفس كل جارحة من استعداد تحصيل الكمال . { إِنِّيۤ إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ } [ هود : 31 ] أي : منعتهم عن العبودية ، { قَالُواْ يٰنُوحُ } أي : يا روح ، { قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا } في طلب الحق ووعدتنا العذاب على رد الدعوة ، { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ } من العذاب ، { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [ هود : 32 ] .