Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 101-105)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أنطقه بسوابق إحسانه إليه وسوابغ إنعامه عليه حتى قال : { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ ٱلْمُلْكِ } [ يوسف : 101 ] ملك الوصول والوصال { وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ } وهو مراتب النبوة ونهاية كمالية الإنسان به ، { فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ يوسف : 101 ] أي : فاطر السماوات عالم الأرواح ، وفاطر أرض البشرية ؛ لتخرجني من فطر الوجود المجازي ، { أَنتَ وَلِيِّي فِي ٱلدُّنُيَا وَٱلآخِرَةِ } [ يوسف : 101 ] أي : أنت متولي أمري لتخلصني من حجب الدنيا والآخرة ، { تَوَفَّنِى مُسْلِماً } أي : أمتني عني بك مستسلماً ، { وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ } [ يوسف : 101 ] للبقاء بك بأن تفنيني عني وتبقيني ببقائك الأزلي الأبدي . قوله : { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ } [ يوسف : 102 ] يشير إلى الذي فهمناك من مناسبة قصة يوسف وإخوته مع أهل السلوك السائرين إلى الله من أخبار الغيب الذي غابت عن أرباب علم الظاهر ، ولا يعمله إلا أهل الغيب وهم الوالجون ملكوت السماوات والأرض ، الغواصون في بحر بطن القرآن ، المستخرجون درر معانيه من أصداف ألفاظه وكلماته ، { نُوحِيهِ إِلَيْكَ } [ يوسف : 102 ] القصة وحقائق معانيها المودعة فيها المستجمعة قواعد سلوك السائرين إلى الله من أخبار الغيبية . { وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ } [ يوسف : 102 ] في الكيد والمكر بيوسف ، ولكن كنت بالمعنى حاضراً { إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ } يعني : إخوة يوسف القلب وهم أوصاف البشرية ؛ ليكيدوا ويمكروا بيوسف القلب ويلقوه في جب البشرية وأسفل الطبيعة وسجن الدنيا ، { وَهُمْ يَمْكُرُونَ } [ يوسف : 102 ] أي : طبعهم المكر والكيد . { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ } [ يوسف : 103 ] أي : وما أكثر الصفات الناسوتية ، { وَلَوْ حَرَصْتَ } [ يوسف : 103 ] يا محمد اللاهوتية ، { بِمُؤْمِنِينَ } [ يوسف : 103 ] مصدقيك فيما تدعوهم إليه من مقامات القرب والكمالات والتوحيد والمعرفة . { وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ } [ يوسف : 104 ] يشير إلى أن اللاهوتية غير محتاجة إلى الناسوتية ، وإن دعتها إلى الاستكمال ؛ لأنها كاملة في ذاتها مكملة لغيرها ، { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } [ يوسف : 104 ] أي : دعوتها عامة لمن تعلق بالعالمين إلى رب العالمين ، { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ يوسف : 105 ] أي : وكم من آية دالة إلى الحق في سماوات القلوب وأرض النفوس ، { يَمُرُّونَ } [ يوسف : 105 ] من أوصاف الإنسانية ، { عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } [ يوسف : 105 ] لإقبالهم على الدنيا وشهواتها .