Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 19-24)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ } [ الرعد : 19 ] يشير به إلى أنه العالم بحقيقة نزول الوحي من الله هو البصير بنور الله والجاهل بحقيقته هو الأعمى ، وهما لا يستويان { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ } [ الرعد : 19 ] حقيقة هذا المعنى { أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } [ الرعد : 19 ] ، وهم المستخرجة عقولهم عن قشور آنات الحواس والوهم والخيال المؤيدة ، فيجل أنوار الجمال والجلال . ثم شرح أحوالهم فقال : { ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ } [ الرعد : 20 ] أي : الذين عاهدهم الله على أن يحبهم ويحبونه ، فأوفوا بعهده وما أحبوا غيره { وَلاَ يَنقُضُونَ ٱلْمِيثَاقَ } [ الرعد : 20 ] الذي جرى بينهم إذ أخرجهم عن ظهر آدم ، وعاهدهم على التوحيد والعبودية كقوله : { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ } [ يس : 60 ] ، فالعهد عهدان : عهد المحبة وهو للخواص ، وعهد العبودية وهو للعوام ، فأهل عهد المحبة ما نقضوا عهودهم أبداً ، وأهل عهد العبودية من كان عهدهم مؤكداً بعهد المحبة ما نقضوه أيضاً ، ومن لم يكن عهدهم مؤكداً نقضوه . ثم وصف الذين لم ينقضوه فقال : { وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ } [ الرعد : 21 ] الوصلة مع الله بصدق الطلب ، والميل إليه ، والانقطاع عما سواه ، { وَالَّذِينَ صَبَرُواْ } [ الرعد : 22 ] على الانقطاع عما سواه { ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ } [ الرعد : 22 ] أي : طلب الوصول إليه { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } [ الرعد : 22 ] أي : أداموها ؛ لأن الصلاة معراج المؤمن ، وبها يصل إليه { وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } [ الرعد : 22 ] أي : انفصلوا عما سواه ؛ ليصلوا به { سِرّاً وَعَلاَنِيَةً } [ الرعد : 22 ] أي : انقطعوا عما يشغل بواطنهم بالاشتغال إلى الله وما سواه وعما سواه ؛ ليصلوا به لغير الله { وَيَدْرَءُونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ } [ الرعد : 22 ] أي : يدفعون بالأعمال والأحوال الحسنة في صدق الطلب بالأعمال ، والأحوال السيئة من الواقعات والقربات . { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } [ الرعد : 22 ] ، وهي دار الوصول إلى الكمال { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا } [ الرعد : 23 ] من له صلاحية الدخول فيها قريباً كان أو غريباً { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ } [ الرعد : 23 ] تبركاً وتيمناً بهم تبعاً لهم { مِّن كُلِّ بَابٍ } [ الرعد : 23 ] دخولهم بالاستقلال على أقدام السير إلى الله بالله ، ويقولون : { سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ } [ الرعد : 24 ] على صدق الطلب ، وبما صبرتم عن غير الله فسلمكم الله مما سواه ، وبلغكم بجذبات عنايته إلى مقامات الوصول ، ودرجات الوصال { فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } [ الرعد : 24 ] التي أنزلكم فيها بقربه وجواره .