Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 100-104)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَىٰ ٱلظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً } [ الإسراء : 99 ] يشير بقوله : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } [ الإسراء : 99 ] إلى عمى بصيرتهم أي : لم يروا ، لأنهم لو يرون الله خالق السماوات والأرض ؛ ليرونه قادراً على إعادة الأموات وإحيائهم { فَأَبَىٰ ٱلظَّالِمُونَ } [ الإسراء : 99 ] من عماهم إلا الجحود والإنكار . { قُل لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ ٱلإِنْفَاقِ } [ الإسراء : 100 ] يعني لو أنتم تقدرون على ما أنا قادر عليه من إيجاد الخلق ورزقهم ، وإيصال الخير إليهم - وأنت على خشية طبيعة الإنسانية - لبخلتم به وخشيتم نفاذ ما عندي من خوف البشرية { وَكَانَ ٱلإنْسَانُ قَتُوراً } [ الإسراء : 100 ] أي : خلق بخيلاً ممسكاً غير منفق إلا يسيراً عند الضرورة . ثم أخبر عن إنكار الإنسان الآيات والمعجزات بقوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } [ الإسراء : 101 ] يشير إلى الآيات التي تدل على نبوته فيما يتعلق بنفسه خاصة منها إلقاؤه في اليم ، وإخراجه منه ، وتربيته في حجر عدوه فرعون ، وتحريم المراضع عليه ورده إلى أمه ، وإلقاء المحبة عليه ، واصطناعه لنفسه ، وإيناسه النار من جانب الطور ، والنداء من الشجرة { أَن يٰمُوسَىٰ إِنِّيۤ أَنَا ٱللَّهُ } [ القصص : 30 ] ، واستماع كلام الله ، وقوة حمل الخطاب والجواب ، وأعظم الآيات جرأته على طلب الرؤية ، وإجابته بالتجلي ، وصعقه منه ، وإفاقته من الصعقة ، وإحلال العقدة من لسانه ، وإلقاء النور على وجهه ، واشتعال النار قلنسوته عند الغضب ، واليد البيضاء وغيرها من الآيات . { فَسْئَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَآءَهُمْ } [ الإسراء : 101 ] يعني : موسى بهذه الآيات هل راؤها واستدلوا بها وآمنوا عليها ؟ إلا أهل الحق بمن جعلهم الله أئمة يهتدون بأمره لما صبروا وكانوا بآياته يوقنون { فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يٰمُوسَىٰ مَسْحُوراً } [ الإسراء : 101 ] يعني : لما كان فرعون من أهل الظن لا من أهل اليقين ، رآه بنظر الظن الكاذب ساحراً ، ورأى الآيات سحراً ، قال موسى : { لَقَدْ عَلِمْتَ } [ الإسراء : 102 ] أي : لو نظرت بنظر العقل لعلمت أنه { مَآ أَنزَلَ هَـٰؤُلاۤءِ } [ الإسراء : 102 ] يعني : الآيات { إِلاَّ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ الإسراء : 102 ] أي : بلا بصيرة وعقل . والظن ظنان : ظن كاذب ، وظن صادق ، وكان ظن فرعون كاذباً ، وظن موسى عليه السلام صادقاً { فَأَرَادَ } [ الإسراء : 103 ] فرعون من نتائج ظنه الكاذب { أَن يَسْتَفِزَّهُم } [ الإسراء : 103 ] أي : يخرج موسى وقومه { مِّنَ ٱلأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً } [ الإسراء : 103 ] ونجينا موسى وقومه من نتائج ظنه الصادق { وَقُلْنَا } [ الإسراء : 104 ] لهم { مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ } [ الإسراء : 104 ] يعني : ديارهم ومساكنهم { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } [ الإسراء : 104 ] أي : يلف الكافرون بالمؤمنين لعلهم ينجوهم من العذاب ، فيخاطبون بقوله تعالى : { وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } [ يس : 59 ] ولا ينفعهم التلفف ، بل يقال لهم : { فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } [ الشورى : 7 ] .