Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 6-10)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ } [ الإسراء : 6 ] باستيلاء داود قلوبكم وقتل جالوت نفوسكم { وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ } [ الإسراء : 6 ] أموال الطاعات والعبادات { وَبَنِينَ } [ الإسراء : 6 ] هي الإيمان والإيقان { وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً } [ الإسراء : 6 ] في العدد والجماعات ممن كان قبلكم الذين أهلكناهم بكفران النعمة ، وإنما رددنا الكرة عليهم وأنعمنا عليكم بهذه النعم جزاء الشكورية لنوح . ثم أخبر عن جزاء أهل الإحسان بقوله تعالى : { إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ } [ الإسراء : 7 ] إشارة إلى أن الإحسان ليس من صفات الإنسان إنما هو من صفات الله تعالى ، فإنه المحسن على الحقيقة ، فمن أحسن فقد اتصف بصفة من صفات الله ففائدة إحسانه راجعة إلى نفسه ؛ لأنها صارت محسنته بعد أن كانت مسيئته { وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } [ الإسراء : 7 ] لأنها بقيت على صفة إساءتها ، بل ازدادت في الإساءة في البعد وعذاب الفراق { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ } [ الإسراء : 7 ] وهي يوم الجزاء { لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ } [ الإسراء : 7 ] وجود قلوبكم يحجب سوء أعمالكم { وَلِيَدْخُلُواْ ٱلْمَسْجِدَ } [ الإسراء : 7 ] بخت نصر النفس لتخريب بيت المقدس وهو القلب المقدس من دنس الكفر { كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [ الإسراء : 7 ] عند استيلاء النفس وصفاتها في أوان البلاغة وعنفوان الشباب { وَلِيُتَبِّرُواْ } [ الإسراء : 7 ] أي : وليهلكوا { مَا عَلَوْاْ } [ الإسراء : 7 ] ما غلبوا عليه من أطوار قلوبكم { تَتْبِيراً } [ الإسراء : 7 ] يليق بها . { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ } [ الإسراء : 8 ] بتعزيز نفوسكم وتقوية قلوبكم فضلاً منه وكرماً { وَإِنْ عُدتُّمْ } [ الإسراء : 8 ] إلى الجهل { عُدْنَا } [ الإسراء : 8 ] إلى العدل ، بل إلى الفضل ، وإن عدتم إلى الندم عدنا إلى الكرم ، وإن عدتم إلى النسيان عدنا إلى الغفران وإن عدتم إلى الإقدام على العبودية عدنا إلى الإنعام بالربوبية ، وإن عدتم إلى طلب الهداية عدنا إلى اختصاصكم بالعناية ، وإن عدتم إلى التقربات عدنا إلى الجذبات { وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ } [ الإسراء : 8 ] البعد والطرد { لِلْكَافِرِينَ } [ الإسراء : 8 ] كافري نعمة القربة والقبول { حَصِيراً } [ الإسراء : 8 ] سحيقاً مخلداً { إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ } [ الإسراء : 9 ] أي : هذه الآيات من قوله : { إِنْ أَحْسَنْتُمْ } [ الإسراء : 7 ] إلى قوله : { حَصِيراً } [ الإسراء : 8 ] { يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [ الإسراء : 9 ] للوصول ؛ لأنها تهدي إلى الخوف والرجاء ، وهما خطوتان اللتان بهما يصل السائرون إلى الله ، فإن قدم الخوف تهدي إلى الخوف والرجاء وهي الفناء عن الأنانية ، وقدم الرجاء تهدي إلى البقاء بالهوية ، فافهم جدّاً . ويؤكد هذا المعنى قوله : { وَيُبَشِّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ } [ الإسراء : 9 ] وهي قطع مفاوز البعد للقائه في الخوف والرجاء { أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً } [ الإسراء : 9 ] وهو إفضاله الكبير المتعال { وأَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [ الإسراء : 10 ] بما وعدهم { بِٱلآخِرَةِ } [ الإسراء : 10 ] أي : بآخرة أعمالهم أيضاً تبشرهم هذه الآيات بوعدها ووعيدها { أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [ الإسراء : 10 ] وهو عذاب البعد بعد القرب وعذاب الرد بعد القبول وعذاب السخط بعد الرضا .