Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 90-94)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبقوله تعالى : { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ } [ الإسراء : 90 - 91 ] الآية إلى قوله : { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً } [ الإسراء : 93 ] يشير إلى أنهم أرباب الحس الحيواني يطلبون الإعجاز من ظاهر المحسوسات ما لهم بصيرة يبصرون بها شواهد الحق ودلائل النبوة ، وإعجاز عالم المعاني بالولاية الروحانية والقوة الربانية ؛ فيطلبون منه تزكية النفوس ، وتصفية القلوب وتحلية الأرواح ، وتفجير ينابيع الحكمة من أرض القلوب ؛ لينبت منها نخيل المشاهدات أو أعناب المكاشفات في جنات المواصلات { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي } [ الإسراء : 93 ] أي : هو القادر على ملتمسكم ، والحكيم بصلاحية الأحوال والأمور إن يشاء يبذل مسئولكم ويعطي مأمولكم { هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً } [ الإسراء : 93 ] مثلكم { رَّسُولاً } [ الإسراء : 93 ] من الله مبلغاً رسالته مؤدباً بآداب العبودية ، مستسلماً لأحكام الربوبية . ثم أخبر عن أصل ضلالتهم أنه من غاية جهالتهم ، بقوله تعالى : { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً } [ الإسراء : 94 ] إشارة إلى أن أهل النسيان والغفلة الذين لم يبلغوا بعد مبلغ الإنسان الكامل ولا مبلغ الرجال البالغين ، ومن { كَتَبَ } الله { فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ } [ المجادلة : 22 ] لا يعرفون الأنبياء والرسل ، وما لهم عند الله من المقامات العلية والأحوال المرضية السنية ، وما أنعم الله عليهم من القربات والكمالات مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، يعدونهم من أبناء جنسهم ويحسبون أن الملائكة أعلى درجة منهم وأجل منهم منزلة عند الله ، وأنهم عن معرفة رتبة الإنسان الكامل بمعزل والله جعله مسجوداً للملائكة المقربين لما أودع فيه من سر الخلافة ، فيختارون الملائكة على الأنبياء كما { قَالُوۤاْ } [ الإسراء : 94 ] متعجبين : { أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً } [ الإسراء : 94 ] .