Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 77-84)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن أهل الريب أنهم بمعزل من إطلاع الغيب بقوله تعالى : { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ } [ مريم : 77 ] إلى قوله : { عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } [ مريم : 78 ] { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا } [ مريم : 77 ] يشير إلى : من كفر ستر الحق ، وأنكر على أهل الصدق من أرباب الطلب وأصحاب الحقائق الذين أنعم الله عليهم بالكشوف والعلوم اللدنية ، وهم يتكلمون بها ، فالمنكر يعترض عليهم وعلى أقوالهم وأحوالهم ، ويقول : إنكم أعرضتم عن الكسب ، واعتمدتم على أموال الناس وصدقاتهم ، واعتزلتم النساء ، وحرمتم عن الأولاد والأموال وأنا أعبد الله ، كما تعبدونه { وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } [ مريم : 77 ] ونجاة في الآخرة فقال الله في جوابه : { أَطَّلَعَ ٱلْغَيْبَ } [ مريم : 78 ] أي : أعلم الغيب بأن يكون له في الدنيا المال والولد ، وفي الآخرة النجاة { أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } [ مريم : 78 ] في الميثاق أن يكون له المال والولد والنجاة { كَلاَّ } [ مريم : 79 ] أي : لم يكن له ذلك { سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ } [ مريم : 79 ] أي : سنكتب عليه ما يدل عليه ونؤاخذه به { وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ ٱلْعَذَابِ مَدّاً } [ مريم : 79 ] وهو عذاب البعد والهجران { وَنَرِثُهُ } [ مريم : 80 ] يعني : هو على قراءة من يقرأ بالياء { مَا يَقُولُ } [ مريم : 80 ] أي : وبال ما يقول بالاستهزاء والإنكار { وَيَأْتِينَا فَرْداً } [ مريم : 80 ] ما يكون معه ما ينجيه من العذاب ، وذلك بأنهم { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً } [ مريم : 81 ] من الهوى والدنيا والأهل والمال والولد { لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً } [ مريم : 81 ] أي : ليكون لهم منهم عزة { كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ } [ مريم : 82 ] حين لا ينفعهم الإيمان { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } [ مريم : 82 ] أي يكون الذين يعبدونهم من دون الله { عَلَيْهِمْ ضِدّاً } أي : ضد ما يتمنون من العزة وهو الهوان والذلة ، وبقوله : { تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } [ مريم : 83 ] يشير إلى : شياطين الإنس منهم فيأخذهم لأنهم يهيجون الفتنة على كافري النقمة ومنكري الكرامة ، ويعاونونهم على إنكار أهل الأقدار ، ويوافقونهم في إيذائهم والطعن فيهم ، نظيره قوله : { وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً } [ الأنعام : 112 ] . ثم قال : تهديداً لهم وتسلية لأرباب القلوب . { فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ } [ مريم : 84 ] بالجزاء والمكافآت { إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ } [ مريم : 84 ] أعمالهم وأقوالهم وأحوالهم وأنفاسهم وخواطرهم { عَدّاً } [ مريم : 84 ] لا سهو فيه ولا غلط فيجازيهم بها .