Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 14-16)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ } [ طه : 14 ] المعنى أنني لمَّا تجليت ألوهيتي لأنانية وجودك المجازي لا يبقى في عالم وجودك المجازي إله من الهوى وغيره ، { إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي } [ طه : 14 ] بمساعي إفناء وجودك المتولد من منشأ قالبك على الدوام ما دام باقياً { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ } [ طه : 14 ] أي : أدم المناجاة في المحاضرة مع تبدل الوجود { لِذِكْرِيۤ } [ طه : 14 ] أي : لنيل ذكري إياك بالتجلي على الدوام ؛ لإفناء وجود المتحد . وبقوله : { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ } [ طه : 15 ] يشير إلى أن كل قلب يكون هذا حاله ، فإن فيما منه بكشف غطاء الحجب الإنسانية عنه بتجلي صفة الجلال لآتية التي من شأنها البروز لله الواحد القهار { أَكَادُ أُخْفِيهَا } [ طه : 15 ] عزة شأنها وعظمة سلطانها فيسقى من الكرم على بعض خواص { لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } [ طه : 15 ] في العبودية من الروح والسر والقلب والنفس والقالب جزاءاً مناسباً لسعيهم ، فلمَّا كان سعي الروح بحسب الوطن الأصلي للرجوع إلى سكنى إضافة من روحي فجزاءه من تجلي صفة الجلالة بالانعدام من الوجود المجازي انعدام الناسوتي في اللاهوتي ، وكان سعي السر بالخلو عن الأكوان لقبول فيض المكون فجزاؤه بإضافة الفيض الإلهي عليه ، وكان سعي القلب بقطع تعلقات الكونين لتصفية وقابلية لتجلي الصفات الجمال والجلال فجزاءه بدوام تجلي صفة الجمال ، واتصافه بصفة الجلال ؛ ليبيت عند ربه يطعمه ويسقيه من الشراب الإلهي الذي يزيل لوث الحدوث عن لوح القلوب لكشف حقائق الغيوب ، وكان بسعي النفس بتبديل الأخلاق واتقاء الأوصاف الظلمانية الحيوانية ؛ لاتصافها بالصفات الروحانية الربانية فجزاؤها بإشراقها بنور ربها لإزالة ظلمة صفاتها ، واطمئنانها إلى ذكر ربها المكون قابلة لله بجذبة : { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ } [ الفجر : 28 ] وكان سعي القالب باستعمال أركان الشريعة وآداب الطريقة فجزاؤه رفعة الدرجات ونيل الكرامات في الدارين . { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ } [ طه : 16 ] لا يصرفنكم عن هذه السعادات والكرامات يا موسى القلب النفس الأمارة التي لا يؤمن بها ، واتبعت هواها في طلب الشهوات واللذات الدنيوية { فَتَرْدَىٰ } [ طه : 16 ] فتهلك بانقطاعك عن الحق تعالى فيه إشارة إلى أن هلاك القلب وقساوته في هلاك النفس وقساوتها . ثم أقول في قوله تعالى : { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا } [ طه : 15 ] يعني : أكاد أخفي الساعة وإتيانها ، وأخفي أحوال الجنة ونعيمها ، وأهوال النار وعذاب جحيمها لئلا تكون عبادتي مشوبة بطمع الجنة وخوف النار ، بل تكون خالصة لوجهي كما قال تعالى : { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } [ البينة : 5 ] وفي ذلك تهديد عظيم للعباد ، وإظهار عزة وعظمة لنفسه إلا أنه سبقت رحمتي غضبي بما أخفيت الساعة وإتيانها ، والله أعلم .