Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 65-72)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وبقوله تعالى : { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ } [ الأنبياء : 65 ] إذ لم يكونوا موافقين ما نفعهم ما عرفوا من الحق ، ثم غيرهم إبراهيم عليه السلام على ذلك { قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَّكُمْ } أي : أف لعقولكم { وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ الأنبياء : 67 ] أفلا تستعملون العقل الذي ميزتم به بين الحق والباطل . وفي قوله تعالى : { قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } [ الأنبياء : 68 ] إشارة إلى أن الله تعالى إذا أراد أن يكمل العبد من عباده المخلصين يفديه خلقاً عظيماً ، كما أنه تعالى إذا أراد استكمال حوت في البحر يفديه كثيراً من الحيتان الصغار ، فلمَّا أراد تخليص إبريزة الخلة من غش البشرية جعل نمرود وقومه مذلةً لإبراهيم عليه السلام حتى أجمعوا بعد أن علموا أنهم ظالمون ، فوضعوه في المنجنيق ورموه إلى النار ، فانقطع رجاءه عن الخليقة بالكلية متوجهاً إلى الله مسلماً نفسه إليه حتى أن جبريل عليه السلام أدركه في الهوى فامتحنه بقوله : هل لك من حاجة ؟ ما كان فيه بقية من الوجود ما تعلق به الحاجة فقال : أمَّا إليك فلا ، فقال له جبريل : ربك امتحاناً له خفي سره عن جبريل غيره ، فقال : حسبي من سؤال علمه بحال ، وما أظهر عليه حاله ، فأدركته العناية الأزلية بقوله تعالى على كافة الخلق ، بل على جميع الأشياء . وبقوله تعالى : { وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ } [ الأنبياء : 70 ] يشير إلى أن إرادة كيدهم به كانت سبباً لتخليصه عن غش البشرية كما قال تعالى : { وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ } [ الأنبياء : 71 ] وهي أرض الروحانية وفيه إشارة أخرى ؛ أي : ونجينا إبراهيم الروح ، ولوط القلب من أرض البشرية وصفاتها إلى الأرض الروحانية التي باركنا فيها للعالمين ، وبركة الله أن يتجلى لها ، فتشرق لأهل الروحانية ، كما قال تعالى : { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا } [ الزمر : 69 ] أي : أشرقت أرض الروحانية بنور تجلي صفة الربوبية الربانية . ثم يشير عن مواهب الربوبية لأرباب العبودية بقوله تعالى : { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً } [ الأنبياء : 72 ] يشير إلى أن الصلاحية من المواهب أيضاً وحصيلة الصلاحية حسن الاستعداد النظري لقبول الفيض الإلهي .