Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 73-77)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } [ الأنبياء : 73 ] يشير إلى أن الأمانة أيضاً من المواهب ، فينبغي أن يكون الإمام هادياً بأمر الله لا بالطبع والهوى ، وإن كان له أهلية الهداية . وبقوله تعالى : { وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلاَة وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَـاةِ وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ } [ الأنبياء 73 ] يشير إلى أن هذه المعاملات لا يصدر من الإنسان إلا بالوحي للأنبياء وبالإلهام للأولياء ، وإلا طبيعة نفس الإنسان أن تكون أمارة بالسوء ، وبقوله تعالى : { وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً } [ الأنبياء : 74 ] يشير إلى أن الحكمة الحقيقية والعلم النافع أيضاً من مواهب الله وفضله يؤتيهما من يشاء . وبقوله تعالى : { وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ ٱلْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ } [ الأنبياء : 74 ] يشير إلى أن النجاة من الجليس السوء من المواهب والاقتران معهم من الخذلان ، وقوله تعالى : { وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَآ إِنَّهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } [ الأنبياء : 75 ] إشارة إلى أن الرحمة على نوعين : خاص وعام ؛ فالعام : منها يصل إلى كل بر وفاجر كقوله تعالى : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } [ الأعراف : 156 ] والخاص : لا يكون إلا للخواص وهو الدخول في الرحمة ، وذلك متعلق بالمشيئة وحسن الاستعداد ، قال : { إِنَّهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } [ الأنبياء : 75 ] أي : من المستعدين ؛ لقبول فيض رحمتنا والدخول فيها ، وهو إشارة إلى مقام الوصول ، فافهم جيداً كقوله تعالى : { يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ } [ الإنسان : 31 ] . { وَنُوحاً إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ } [ الأنبياء : 76 ] أي : من قبل أن يخرج من كتم العدم . { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } [ الأنبياء : 76 ] وهو كتم العدم ، وهذا أيضاً من المواهب { وَنَصَرْنَاهُ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } [ الأنبياء : 77 ] أي : ميزنَّاه وهديناه من بين قوم خذلناهم { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ } [ الأنبياء : 77 ] في تقدير الأزل { فَأَغْرَقْنَاهُمْ } [ الأنبياء : 77 ] في لُجِّي بحر البشرية في ماء هوى النفسانية { أَجْمَعِينَ } [ الأنبياء : 77 ] ليتحقق أن الهداية والخذلان منه سبحانه وتعالى .