Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 39-41)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن نيل الوصال بالقتال تعالى : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ } [ الحج : 39 ] إشارة إلى أن قتال الكفار بغير إذن الله لا يجوز ، ولهذا لمَّا ذكر موسى عليه السلام القبطي الكافر ، وقتله قال : هذا من عمل الشيطان ؛ لأنه ما كان مأذوناً من الله تعالى في ذلك ، وبهذا المعنى يشير إلى أن الصلاح في قتل كافر النفس وجهادها أن يكون بإذن الله تعالى على وفق الشرع ، وأوانه وهو بعد البلوغ ، فإن قبل البلوغ يحمل المجاهدة باستكمال الشخص الإنساني الذي هو حامل أعباء الشريعة ، ولهذا لم يكن مكلفاً قبل البلوغ ، وينبغي أن يكون المجاهدة محفوظة عن طرفي التفريط والإفراط ، بل يكون على حسب ظلم النفس على القلب باستيلائها عليه فيما يضره من اشتغالها بمخالفة الشريعة وموافقة الطبيعة في استيفاء حظوظها وشهواتها من ملاذ الدنيا ، فإن منها يتولد دين مرآة القلب وقسوته واسوداده ، وإن ارتضت النفس ، وتزكَّت عن زعيم صفاتها ، وانقادت للشريعة ، وتركت طبيعتها ، واطمأنت إلى ذكر الله واستعدت لقبول جذبة : { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً } [ الفجر : 28 ] نصان من فرج المجاهدة ، ولكن لا يؤمن من مكر الله المودع في مكر النفس بقوله تعالى : { وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } [ الحج : 39 ] يشير إلى أن الإنسان لا يقدر على قهر النفس وتزكيتها بالجهاد المعدل إلا بنصر الله . ثم أخبر عن معنى الظلم ووصف المظلوم الذي مأذون بالجهاد فقال : { ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ } [ الحج : 40 ] يشير به إلى القلوب التي أخرجها النفوس بالاستيلاء عن مقاماتها بتبديل أخلاقها ، وهي اطمئنانها بذكر الله تعالى ، فباستتباعها جعلها متصفة بصفاتها ، وهي ما أخبر عنها بقوله تعالى : { وَرَضُواْ بِٱلْحَيٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا } [ يونس : 7 ] فللقلوب المظلومة أن يجاهدوا النفس الظالمة المتمردة { إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ } [ الحج : 40 ] أي : ترجع النفوس عن الظلم الذي من شيم النفوس ، واستسلمت لأحكام الله تعالى . وبقوله تعالى : { وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } [ الحج : 40 ] يشير به تعالى : لو لم ينصر القلوب على النفوس ، ويدافع عن القلوب باستيلاء النفوس { لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ } [ الحج : 40 ] أركان الشريعة { وَبِيَعٌ } [ الحج : 40 ] آداب الطريقة ، وصلوات مقامات الحقيقة ، ومساجد القلوب المنورة بنور الله { وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ } [ الحج : 40 ] القلوب على النفوس ، فإنها من ينصره بقبول الفيض منه ، واتفاقه على ما عداه من الأعضاء الرئيسية والحسيسة { إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ } [ الحج : 40 ] في النصرة والانتصار { عَزِيزٌ } [ الحج : 40 ] في الانتصار منه . ثم وصفت القلوب المنصورة بقوله تعالى : { ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ } [ الحج : 41 ] أرض البشرية { أَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } [ الحج : 41 ] استداموا المواصلات { وَآتَوُاْ ٱلزَّكَـاةَ } [ الحج : 41 ] زكاة الأحوال وهي : أن يكون من يأتي النفس من أنفاسهم مائة وتسعة وتسعون ونصف جزاؤهم ، والباقي إيثار على خلق الله في الله مهما كان زكاة الأغنياء من مائتي درهم خمسة للفقراء والباقي لهم { وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ } [ الحج : 41 ] حفظ الحواس عن مخالفة أحوال أمره ، ومراعاة الأنفاس معه إجلالاً لقدره { وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } [ الحج : 41 ] ومن وجوه المنكرات الرياء والإعجاب والمساكنة والملاحظة { وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأُمُورِ } [ الحج : 41 ] أمور المعاملات كلها منهم راجعة إلى الله تعالى في طلبه والوصول به .