Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 63-71)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ } [ المؤمنون : 63 ] أي : في غفلة وعمى { مِّنْ هَـٰذَا } من قبول الدعوة والمتابعة وتدارك الغفلة بالفكر السليم عن عواقب الأمور وعلاج عمى القلوب بترك الدنيا وشهواتها وتزكية النفس عن صفاتها الذميمة ، وتصفية القلب عن شوب تعلقه بما سوى الله تعالى { وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذٰلِكَ } [ المؤمنون : 63 ] في متابعة الهوى وطلب الدنيا والإعراض عن الهوى { هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } [ المؤمنون : 63 ] أي : مداومون عليها . { حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ } [ المؤمنون : 64 ] وهم أكابر المجرمين وقدوة الأصاغر المسرفين { بِٱلْعَذَابِ } أي : بالعذاب الأدنى في الدنيا والعذاب الأكبر في العقبى { إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } [ المؤمنون : 64 ] أي : يتضرعون في طلب النجاة والقبول بعد فساد استعداداتهم للنجاة والقبول ، فيقال لهم : { لاَ تَجْأَرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِّنَّا لاَ تُنصَرُونَ } [ المؤمنون : 65 ] لعدم الاستعداد في قبول النصرة فلا ينفعكم التضرع والجزع في غير وقته ، وقد ضيعتم أوانه حين { قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } [ المؤمنون : 66 ] لتنتفعوا بها { فَكُنتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ } بالإعراض عن الانتفاع بها والإقبال على متابعة الهوى وطلب الدنيا { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ } [ المؤمنون : 67 ] على الأنبياء والأولياء والنصحاء بنعيم الدنيا وزينتها { سَامِراً تَهْجُرُونَ } أي : سامرين في هجراننا والإعراض عنا . ثم أخبر عن سوء تدبيرهم وفرط تقصيرهم بقوله تعالى : { أَفَلَمْ يَدَّبَّرُواْ ٱلْقَوْلَ أَمْ جَآءَهُمْ مَّا لَمْ يَأْتِ آبَآءَهُمُ ٱلأَوَّلِينَ } [ المؤمنون : 68 ] يشير إلى أنهم لو تفكروا بالفكر الصائب في أمر النبي صلى الله عليه وسلم وإنزال القرآن إليه لعلموا أنه ما جاءهم بدعاً من الرسل بما لم يأت آباءهم الأولين أنبياؤهم ، وأن كل نبي أوحي إليه بالإيمان ونصرة دينه وأخذوا على هذا مواثيقهم ، وقد ذكر الله بعثته في الكتب المنزلة أم عملوا أنهم { أَمْ لَمْ يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ } [ المؤمنون : 69 ] الذي بعثه الله في الكتب المنزلة ، كما قال تعالى : { جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ } [ البقرة : 89 ] . { فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ * أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ } [ المؤمنون : 69 - 70 ] فمرة قابلوه بالتكذيب ، ومرة رموه بالسحر ، ومرة وصفوه بالجنون ، ومرى قد عابوه بالفقر وقلة اليسار ، فأخبر الله عن تشتتهم ، ومرة رموه بالسحر ، ومرة وصفوه بمثل أحوالهم في الضلالة وتقسيم إنكارهم في الجهالة فقال : { وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ } [ المؤمنون : 71 ] في تعاطي مراداتهم الخسيسة على حسب دواعيهم الفاسدة { لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ } [ المؤمنون : 71 ] أي : سماوات أرواحهن وأرض نفوسهم { وَمَن فِيهِنَّ } من القلب والسر ، فإن الهوى يهوي بمتابعيه إلى الهاوية { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ } [ المؤمنون : 71 ] أي : بما لهم فيه صلاح في الحال وذكر لهم في المثال { فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ } أي : عن صلاح حالهم وشرف مآلهم { مُّعْرِضُونَ } .