Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 7-14)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن هدى موسى عليه السلام بقوله تعالى : { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ } [ النمل : 7 ] والإشارة في تحقيق الآيات بقوله : { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً } [ النمل : 7 ] يشير إلى موسى القلب أنه لما كوشف بأنوار شواهد الحق في ليلة الهوى وظلمة الطبيعة ، قال لأهله أي : النفس وصفاتها { إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً } بوادي أيمن السر ، كما قال بعضهم : يبدو لي من الصغار برق يخبرني بها قرب المزار { سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ } عن كيفية الطريق { أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ } من نار النور الإلهية { لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } [ النمل : 7 ] بتلك النار فتخلصون من جمود الطبيعة وظلمة الهوى . { فَلَمَّا جَآءَهَا } [ النمل : 8 ] على قدمي الشوق وصدق الطلب { نُودِيَ } من الشجرة الروحانية { أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ } نار المحبة أو في طلب نار الموقدة التي تطلع على الأفئدة { وَمَنْ حَوْلَهَا } أي : ومن يدور حول هذه النار كالفراش فإنه يقع فيها { وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } . { يٰمُوسَىٰ إِنَّهُ } [ النمل : 9 ] أي : المنادي { أَنَا ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } [ النمل : 9 ] الذي السبيل إليه سدوا لطلب ود الحكيم الذي بالحكمة الأزلية يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب . وبقوله : { وَأَلْقِ عَصَاكَ } [ النمل : 10 ] يشير إلى أن من سمع نداء الحق وشاهد أنوار جماله يلقى من يد همته كل ما كان متوكأ له غير الله فلا يتوكأ إلا على فضل الله وكرمه { فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ } [ النمل : 10 ] يشير إلى أنه لما ألقى متوكأه وكوشف بمعناه رآه جاناً وثعباناً ليعلم أن كل متوكل غير الله في الصورة ثعبان له في المعنى فلما عاينه { وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ } [ النمل : 10 ] ولم يرجع إليه بعد عرفانه أي : ففروا إلى الله فرار خائف من الاسترجاع فيقول الله : { يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ ٱلْمُرْسَلُونَ } [ النمل : 10 ] يعني : من فر إلى الله عما سواه يؤمنه الله مما سواه ويقول له لا تخف فإنك لدي ولا يخاف من القلوب المنورة الملهمة المرسلة إليها الهدايا والتحف من ألطافي { إِلاَّ مَن ظَلَمَ } [ النمل : 11 ] نفسه بالرجوع إلى غيري { ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوۤءٍ } [ النمل : 11 ] بأن يفر إلي بعد سوء رجوعه إلى غيري { فَإِنِّي غَفُورٌ } [ النمل : 11 ] غفر ذنب رجوعه { رَّحِيمٌ } [ النمل : 11 ] إذا فر أتى أجله ولا إرادة . { وَأَدْخِلْ يَدَكَ } [ النمل : 12 ] أي : يد همتك { فِي جَيْبِكَ } [ النمل : 12 ] حيث قناعتك { تَخْرُجْ بَيْضَآءَ } [ النمل : 12 ] نقية من لوث الدارين { مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ } [ النمل : 12 ] يصيبك من قناعتك وخلو يدك عما سوى الحق { فِي تِسْعِ آيَاتٍ } [ النمل : 12 ] من أسباب هلاك { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } النفس { وَقَوْمِهِ } أي صفاتها { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } [ النمل : 12 ] خارجين عن ربقة العبودية والانقياد . { فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً } من الواردات والشواهد واللوامع والطوالع { قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } [ النمل : 13 ] فلم يؤمنوا { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ } [ النمل : 14 ] بتلك الشواهد أنها حق ، ولكن النفس وصفاتها المتمردة من خاصية طبعها يجحد بها { ظُلْماً وَعُلُوّاً } إباءً واستكباراً شيطانياً جبلت النفوس عليها { فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } الذين أفسدوا استعداد الإنسانية لقبول الفيض الإلهي بلا واسطة الذي خلق في أحسن تقويم ، فكان عاقبتهم أنهم نزلوا منازل الحيوانات من الأنعام والسباع وقرنوا مع الشيطان في الدرك الأسفل من النار .