Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 12-19)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ } [ العنكبوت : 12 ] يشير إلى أن كافر النفس ، ومنه أنهم يقولون بلسان الطبيعة الإنسانية للمؤمنين من القلب والسر والروح بجميع صفاتهم { ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا } في طلب الشهوات الحيوانية لاستيفاء الحظوظ بمددهم وموافقتهم { وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ } أي : نرفع عنكم ضرر ما يرجع إليكم في متابعتنا لنيل الشهوات ومستلذات الطبع { وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ } [ العنكبوت : 12 ] أي : ضرر ما يحصل من خطاياهم { مِّن شَيْءٍ } [ العنكبوت : 12 ] لأنه من الضرر الذي يحصل للروح والقلب في متابعة النفس العمى والصم والبكم والجنون والاتصاف بجميع الصفات النفسانية { إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } في حمل هذه الآفات والضرر عنهم ولكن { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ } [ العنكبوت : 13 ] هذه الآفات التي بها أنفسهم متصفة { وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } [ العنكبوت : 13 ] يعني : يضعَّف الضرر الذي يحصِّلون لهم من متابعتهم مع الضرر الذي يحصِّلون لأنفسهم في تتبع الشهوات واستيفاء اللذات من غير أن يحملوا عنهم مما عليهم ، { وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } [ العنكبوت : 13 ] يعني : النفوس ، وآخذون بما يوعدون الأرواح والقلوب في الاستتباع ويؤمنونهم من سطوات قهر الله بأن يحملوا خطاياهم ، ويعزونهم بذلك . ثم أخبر عن ابتلاء أهل الولاية بقوله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ } [ العنكبوت : 14 ] إلى قوله : { إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } [ العنكبوت : 19 ] يشير إلى أنه تعالى كما بدأ الخلق بإخراجهم عن العدم إلى عالم الأرواح ، ثم أهبطهم من عالم الأرواح غلى عالم الأشباح عابرين على الملكوت والنفوس السماوية والأفلاك والأنجم والفلك الأثير والهواء والبحار وكرة الأرض ، ثم على المركبات والمعادن والنبات والحيوان إلى أن يبلغ أسفل سافلين الموجودات وهو القالب الإنساني ، كما قال تعالى : { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } [ التين : 5 ] أي : بتقدير النفخة الخاصة كما قال : { وَنَفَخْتُ فِيهِ } [ الحجر : 29 ] فكذلك نعيده بجذبات العناية إلى الحضرة راجعاً من حيث هبط عابراً على المنازل والمقامات التي كانت على قمره بقطع تعلق نظره إلى خواص هذه المنازل ، وترك الانتفاع بها فإنها حال العبودية على هذه المنازل استعاد خواصها وبعض أجزائها منها لاستكمال الوجود الإنساني روحانياً جسمانياً ، فصار محجوباً عن الحضرة فعند رجوعه إلى الحضرة بجذبة ( ارجعي ) يرد من كل منزل ما استعاد منه ، فإن العارية مردودة إلى أن يعاد إلى العدم بلا أنانية بتصرف جبة العناية { إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } أي : على العبد العود إلى الله بلا جذبة العناية عسير غير ممكن .