Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 124-127)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن إمداده لنصرة عباده بقوله تعالى : { إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ } [ آل عمران : 124 ] ، إشارة في تحقيق الآيات : إن نور نبوة النبي صلى الله عليه وسلم يلهم أرواح المؤمنين على الدوام عند مقابلة الشيطان ، ومجاهدة النفس ، ومكايدة الشيطان والهوى ، والركون إلى زخارف الدنيا والميل إليها ، { أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُنزَلِينَ } [ آل عمران : 124 ] ؛ يعني : الجنود الروحانية الملكوتية التي لا تدركها الحواس لقوله تعالى : { وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا } [ التوبة : 26 ] ، فتقوى بها قلوبكم لدفع خوف البشرية ورفع عجز الحيوانية ، ويحييها بروح رباني كما قال تعالى : { وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ } [ المجادلة : 22 ] . { بَلَىۤ إِن تَصْبِرُواْ } [ آل عمران : 125 ] على مخالفة النفس ونهيها عن هواها { وَتَتَّقُواْ } [ آل عمران : 125 ] ، بالله عما سواه { وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ } [ آل عمران : 125 ] ؛ أي : يزدكم في الإمداد بالجنود الروحانية وهم { مُسَوِّمِينَ } [ آل عمران : 125 ] ، بسوم الربانية . { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ } [ آل عمران : 126 ] ؛ أي : ما ذكر الله الملائكة وعددهم { إِلاَّ بُشْرَىٰ لَكُمْ } [ آل عمران : 126 ] ؛ أي : لاستبشاركم بالمدد الإلهي ، { وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ } [ آل عمران : 126 ] ، بذكر الملائكة وكثرة عددهم ؛ لأنكم أرباب الوسائط المحتجبون عن الله برؤية الوسائط ، وأما القلوب { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ } [ الرعد : 28 ] فالله تعالى رفع الوسائط بينه وبينهم وقال : { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } [ الزمر : 36 ] ، ولهذا التحقيق قال الله تعالى : { وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } [ آل عمران : 126 ] ؛ يعني : ليس النصر من الملائكة وغيرهم إلا من عند الله ؛ لأنه هو { ٱلْعَزِيزِ } [ آل عمران : 126 ] الذي يعز من يشاء بالنصر ، ويذل من يشاء بالقهر ، { فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً } [ فاطر : 10 ] { ٱلْحَكِيمِ } [ آل عمران : 126 ] الذي بحكمته يعز من يشاء على من يشاء كيف يشاء متى شاء على ما يشاء . { لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } [ آل عمران : 127 ] ؛ يعني : { وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } [ آل عمران : 126 ] ليقهر بعض الصفات النفسانية وهي منشأ الكفر بنصر الروح وصفاته ، { أَوْ يَكْبِتَهُمْ } [ آل عمران : 127 ] ؛ أي : يغلبهم ويظفر بهم كما قال تعالى : { وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ } [ يوسف : 21 ] ، { فَيَنقَلِبُواْ } [ آل عمران : 127 ] ؛ يعني : النفس وصفاتها ، { خَآئِبِينَ } [ آل عمران : 127 ] ، فما كانا يرجون أن يظفروا بالروح وصفاته ويغلبوهم .