Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 137-140)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن سنن أهل السنن بقوله تعالى : { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ } [ آل عمران : 137 ] ، إشارة في الآيات : إن الله تعالى خص السائرين إلى الله تعالى بالمهاجرة عن الأوطان والمسافرة إلى البلدان ؛ لمفارقة الخلان والأخدان ومصاحبة الإخوان غير الخوان ، فيصبروا عن سنن أهل السنن فقال تعالى : { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ } [ آل عمران : 137 ] ؛ أي : أمم لهم سنن ، { فَسِيرُواْ } [ آل عمران : 137 ] على سنن أهل السنة ، { فِي ٱلأَرْضِ } [ آل عمران : 137 ] ، نفوسكم الحيوانية بالعبور من أوصافها الدنية وأخلاقها الردية لتبلغوا سماء قلوبكم الروحانية ، وتتخلقوا بالأخلاق الربانية { فَٱنْظُرُواْ } [ آل عمران : 137 ] ؛ أي : ثم انظروا { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ } [ آل عمران : 137 ] ؛ أي : صار حاصل أمر النفوس المكذبة بهذه المقامات الروحانية والمكاشفات الربانية عند الوصول إليها . { هَـٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } [ آل عمران : 138 ] ، أي : لأهل الغفلة والغيبة الناسين عهد الميثاق { وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } [ آل عمران : 138 ] ؛ لأهل الهداية والشهود الذاكرين للعهود الذين انقطعوا بالتجارب واتقوا عما سوى الله { وَلاَ تَهِنُوا } [ آل عمران : 139 ] ، يا سائرين إلى الله في السير إليه { وَلاَ تَحْزَنُوا } [ آل عمران : 139 ] ، على ما فاتكم من تنعمات الدنيا والكرامات الأخروية { وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } [ آل عمران : 139 ] ؛ يعني : وأنتم الأعلون من أهل الدنيا والآخرة في المقام عند ربكم إن كنتم مصدقين بهذه الأخبار تصديق الائتمار { إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ } [ آل عمران : 140 ] ، في أثناء السير من المجاهدات وأنواع البلاء والابتلاء { فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ } [ آل عمران : 140 ] من الأنبياء والأولياء ، { قَرْحٌ } [ آل عمران : 140 ] من المحن ، { مِّثْلُهُ وَتِلْكَ ٱلأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ } [ آل عمران : 140 ] ؛ أي : من المحن والبلاء والابتلاء والامتحان { نُدَاوِلُهَا } [ آل عمران : 140 ] بين السائرين إلى يوماً نعمة ويوماً نقمة ويوماً منحة ويوماً محنة ، { وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ آل عمران : 140 ] ، أي : لتحيزهم بالابتلاء والامتحان ، ويجعلهم مستعدين لمقام الشهادة ، { وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ } [ آل عمران : 140 ] يا مبتلون بالنعمة والنقمة في آثار السير { شُهَدَآءَ } [ آل عمران : 140 ] أرباب الشهود والمشاهدة ، { وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } [ آل عمران : 140 ] ؛ يعني : الذين يصرفون استعدادهم في طلب غير الحق والسير إليه .