Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 38-39)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن آياته بعد أخرى من آياته الكبرى بقوله تعالى : { هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ } [ آل عمران : 38 ] ، الإشارة في الآيتين : إن الله تعالى جعل بعض الأشياء سبب البعض ، فكما أنه جعل إطعام الطائر فرخة ، سبب تحريك قلب زكريا لطلب الولد ، هنالك دعا زكريا ربه { قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ } [ آل عمران : 38 ] ، والإشارة في قوله : { مِن لَّدُنْكَ } [ آل عمران : 38 ] ، إلى أن الأرواح التي هي جنود مجندة بعضها في الصف الأول ؛ وهي أرواح الأنبياء - عليهم السلام - وخواص الأولياء ليس بينها وبين الله حجاب ، وبعضها في الصف الثاني ؛ وهي أرواح الأولياء وخواص المؤمنين ، وبينها وبين الله حجاب الصف الأول ، وبعضها في الصف الثالث ؛ وهي أرواح المؤمنين وخواص المسلمين ، وبينها وبين الله حجاب الصف الأول والصف الثاني ، وبعضها في الصف الرابع ؛ وهي أرواح المنافقين من مدعي الإسلام والكفار والمشركين ، فقوله : { رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ } [ آل عمران : 38 ] ؛ أي : من الصف الأول الذي لا واسطة بينه وبينك ، { ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً } [ آل عمران : 38 ] ؛ أي : ولداً يكون روحه من أهل الصف الأول مطهراً من آل يعقوب عليه السلام ؛ يعني : النبوة كم وهبت لحنة مريم ولمريم رزق الجنة { إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ } [ آل عمران : 38 ] ؛ أي : مجيب الدعاء ، كما أجبت دعاء حنة . { فَنَادَتْهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي } [ آل عمران : 39 ] ، سائرة سره في الملكوت ، فسمع نداء الملائكة وهو محارب نفسه وهواه { فِي ٱلْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـىٰ } [ آل عمران : 39 ] ؛ أي : بغلام اسمه يحيى ، وإنما سمي يحيى ؛ لأنه منذ خلق ما ابتلي بالمعصية ؛ لئلا يموت القلب بالمعاصي كما مر ذكره ، الحديث أنه ما هم بمعصية قط ولا بموت الصورة ؛ لأنه استشهد والشهداء لا يموتون { بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [ آل عمران : 169 ] ، فهو حي يحيى في حال الدنيوي والاستقبال الأخروي { مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ } [ آل عمران : 39 ] ؛ وهي قوله : { يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ } [ مريم : 12 ] ، { وَسَيِّداً } [ آل عمران : 39 ] ؛ أي : حراً من رق الكونين ، بل سيداً لرفعتي الكونين { وَحَصُوراً } [ آل عمران : 39 ] ، نفسه عن تعلق بالكونين ، { وَنَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } [ آل عمران : 39 ] ؛ لقبول فيض الإلوهية بلا واسطة ؛ لأنه كان من أهل الأول .