Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 133-148)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن نجاة لوط ودرجاته بقوله : { وَإِنَّ لُوطاً لَّمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الصافات : 133 ] ، يشير إلى لوط الروح أنه مهبط أنوار الحق ومحط أسراره ؛ { إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ } [ الصافات : 134 ] ، من القلب والسر وصفاتهما { أَجْمَعِينَ } [ الصافات : 134 ] من سطوات قهرنا ، { إِلاَّ عَجُوزاً فِي ٱلْغَابِرِينَ } [ الصافات : 135 ] ، وهي عجوز النفس الأمَّارة ؛ فإنها بمثابة الزوجة للوط الروح ، { ثُمَّ دَمَّرْنَا ٱلآخَرِينَ } [ الصافات : 136 ] من النفس وصفاتها ، { وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ } [ الصافات : 137 ] أيتها الصفات الإنسانية عليهم مصبحين في صباح يوم الدين ، يشاهدون آثار سطوات قهرنا باستيلاء صفات النفس وغلبات دواعي الشهوات ، { وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ الصافات : 138 ] فتعتبرون وتؤمنون بوحدانية الحق تعالى ، وترجعون إلى أبواب فضله وكرمه ورحمته . { وَإِنَّ يُونُسَ } أي : يؤنس القلب { لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الصافات : 139 ] ، وهو أيضاً مهبط أنوار الحق تعالى ؛ { إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } [ الصافات : 140 ] ؛ أي : فلك الهوى المشحون من شهوات النفس ، { فَسَاهَمَ } مع أهل الهوى ؛ { فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } [ الصافات : 141 ] ؛ أي : من المغلوبين المفتونين بشهوات النفس فألقى في بحر الدنيا ، { فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ } [ الصافات : 142 ] حوت النفس ، { وَهُوَ مُلِيمٌ } [ الصافات : 142 ] بالتفاته إلى بحر الدنيا وركوبه فلك الهوى إذ أبق من عبودية المولى ، { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } [ الصافات : 143 ] المطيعين الذاكرين لله ، الراجعين إليه بالتوبة والاستغفار { لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ } [ الصافات : 144 ] ؛ يعني : القلب في بطن حوت النفس { إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [ الصافات : 144 ] والإشارة فيه أن خلاص يونس القلب إذا التقمه حوت النفس لا يكون إلا بملازمة ذكر الله ، { فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ } [ الصافات : 145 ] ، يشير بهذا إلى أن القلب إن تخلص من بحر النفس وبحر الدنيا يكون مستقيماً ؛ بانحراف مزاجه القلبي بمجاورة صحبة النفس وإسراف طبعها ، بقوله : { وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ } [ الصافات : 146 ] ، يشير إلى إنبات شجرة العناية عليه ؛ ليستظل بظلها إلى أن يزول عنه ضعف البشرية ، ويتقي بالسلامة القلبية ، ويستعد لتواتر الإلهامات الربانية ، ويستحق بالخلافة للسلطنة الروحانية ، فينصب لرعاية الرعية . فذلك قوله : { وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } [ الصافات : 147 ] به يشير إلى أن كل قلب تخلص من سجن النفس يصير سلطاناً على ولاية الإنسانية ، يحكم على مائة ألف صفة من صفات البشرية أو يزيدون ، { فَآمَنُواْ } هذه الصفات كلها بما يأتيهم من الحق ، واقتدوا به وتخلقوا بأخلاقه ؛ { فَمَتَّعْنَاهُمْ } يعني : بالقلب وأخلاقه { إِلَىٰ حِينٍ } [ الصافات : 148 ] يستعدون للتخلق بأخلاق الله تعالى .