Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 76-82)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ * وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَاقِينَ } [ الصافات : 76 - 77 ] وهم القلب والسر والخفى ، وما يتولد منهم من الأعمال الصالحات الباقيات . { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ } [ الصافات : 78 ] الثناء الحسن والذكر الجميل ، وهو قوله تعالى : { قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي } [ الإسراء : 85 ] ، وقوله : { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي } [ ص : 72 ] { سَلاَمٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي ٱلْعَالَمِينَ } [ الصافات : 79 ] ، يشير بهذا أن المستحق بسلام الله في العالمين هو نوح روح الإنسان ؛ لأنه ما جاء أن الله تعالى سلم على شيء من العالمين غير الإنسان ، كما قاله ليلة المعراج : " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " ، فما قال : وعلى ملائكتك المقربين ، وإنما كان اختصاص الإنسان بسلام الله من بين العالمين ؛ لأنه حمَّال حمل ثقيل وهو الأمانة التي عرضها على العالمين ، { فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً } [ الأحزاب : 72 ] على نفسه الضعيفة يحمل الأمانة الثقيلة ، { جَهُولاً } [ الأحزاب : 72 ] عن كمال منافعها عند أدائها إلى أهلها ، وكمال مضارها عند الجناية فيها ، فكان الإنسان أحوج شيء بسلام الله ؛ ليعبر بالأمانة على الصراط المستقيم الذي هو أدق من الشعر وأحد من السيف ؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يكون دعوات الرسل حينئذٍ : رب سلم سلم " ، وهل سمعت أن يكون لغير الإنسان العبور على الصراط ؛ لأنهم يؤدون الأمانة إلى أهلها ، وهو الله تبارك وتعالى ، فلا بد من العبور على صراط الله للوصول إليه لأداء أمانته إليه ، وفي هذا أسرار إفشاؤها كفروع السر تعبر ، يكفيك هاهنا ما أشار إليه . { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ } [ الصافات : 80 - 82 ] في بحر الوجود ، يشير إلى غير الإنسان من الموجودات أنه ما خلص أحدٌ منهم من غرق الوجود إلى ساحل العدم بالجود ، ولما سلم من سلم من بحر الوجود إلى ساحل الجود بسلام الله كان مخصوصاً في كل حال من حالاته بسلام من الله العزيز الحكيم ؛ لعبوره بالسلامة من تلك الحالة ، كاحتياجه بالسلام في العرصة ؛ لعبوره على الصراط المستقيم بالرحمة ، سلم عليه بقوله : { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } [ يس : 58 ] بعد العبور عند الدخول في الجنة بقوله : { سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ } [ الزمر : 73 ] ، وقال { ٱدْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ } [ الحجر : 46 ] ، وبعد الدخول في الجنة خوطب بقوله : { سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ } [ الرعد : 24 ] ؛ يعني : تحت ثقل حمل الأمانة { فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } [ الرعد : 24 ] .